كسرى مزق الكتاب فقال صلى الله عليه وسلم:(مزق الله ملكه).
وقيصر ما قبل الإسلام لكن ما دعا صلى الله عليه وسلم عليه بذلك، والآن انظر إلى الواقع، لا يوجد ملك كسروي كافر، ويوجد ملك للروم كافر، قال صلى الله عليه وسلم:(مزق الله ملكه) فانتهى ملك الفرس، وبقي ملك الروم كما هو.
ولماذا لم يدعو عليهم؟ حتى يبقى قدر الله، فما أراده الله قدراً لا يجريه على لسان نبيه شرعاً، وهذا من دقائق العلم، فقد قال الله جل وعلا في سورة الأنعام:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا}[الأنعام:٦٥] فلما قرأ جبريل: {عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}[الأنعام:٦٥] استجار النبي صلى الله عليه وسلم بربه، فهذه الأمة لا يمكن أن تعذب بالحجارة، لا يمكن أن تعذب عذاباً مهلكاً لها بحجارة السماء، ولما قرأ:(أو من تحتكم) استجار بربه، فلا يمكن أن هذه الأمة يخسف بها وتنتهي، ثم تلا جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم قوله:{أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}[الأنعام:٦٥] فما قال صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله من ذلك كما قال في الأولين؛ لأن الله قد كتب في الأزل أنها ستقع، فلم يجرها على لسان نبيه شرعاً، بل قال صلى الله عليه وسلم:(هذا أهون وأيسر).
وأنت ترى الأمة يذيق بعضها بأس بعض، منذ مقتل عثمان إلى اليوم.
فما أراده الله أن يقع قدراً لا يجريه على لسان نبيه شرعاً، وما أراد الله منعه قدراً يجريه على لسان نبيه شرعاً، فقال في كسرى وهو كافر قال:(مزق الله ملكه) فانتهى ملك الأكاسرة، ولكنه لم يقل في هرقل: مزق الله ملكه، فإلى اليوم أوروبا -وهي الروم- ملكها باق إلى اليوم، ولن تقوم الساعة حتى يكون الروم أكثر الناس.