[المقصود بدعوة المرسلين إيصال العباد إلى عبادة الله الحقة]
قال رحمه الله تعالى:[وكان المقصود بالدعوة: وصول العباد إلى ما خُلقوا له من عبادة ربهم وحده لا شريك له، والعبادة أصلها عبادة القلب المستتبع للجوارح].
يقصد بهذا أن العبادة أصلها عبادة القلب لا العقل ولا الفكر، ولذلك الذين يعبدون الله بالتفكير أو العقول من الفلاسفة وغلاة الجهمية هؤلاء ما وصلوا إلى الحق، وهم أصحاب المذاهب الوثنية الآن، فتجد مثلاً في الديانات الهندية والديانات اليونانية القديمة أن هؤلاء الأقوام ضلوا الطريق مع أنهم اعترفوا بالرسل ويقرون بوجود الله ويرون الحاجة إلى عبادته، لكنهم يعبدونه بعبادة عقلية بالتأمل والنظر والتفكّر، أو عبادة فكرية بمجرد التأمل في آلاء الله عز وجل، يسمون هذا عبادة، ويستميتون لهذا الفكر ويقاتلون عليه، وهذا خطأ وضلال؛ لأنهم ما وصلوا إلى ما يريده الله عز وجل.
فإذاً: لا بد من تقرير بأن المقصود بدعوة المرسلين ودعوة المصلحين في كل زمان إيصال العباد إلى عبادة الله التي خُلقوا من أجلها، فقد خُلقوا كما قال الله عز وجل:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:٥٦] ما قال: ليقروا بي أو لينظروا أو ليتفكروا؛ لأن النظر والتفكر إنما يكون بعد الخضوع والعبادة على منهج، تنظر وتفكر كما أرشدك الله إلى أصول النظر والتفكر.
قال:(والعبادة أصلها عبادة القلب) يعني: يعبد الله بالمحبة والخوف والرجاء والتوكل، وسائر أنواع العبادة التي تنبثق عنها أعمال الجوارح.