للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيتها وهي كثيرة التشكيك، لا يكاد يبني شيئا إلا ويهدمه ولا ينصر قولا إلا ويخذله وأنت أيها الخصم قد قدمت عند ذكرك ضرورة الخلق إلى النبوة ومنفعتها:

إن العقل لا يستقل «١» بإدراك الأمور الإلهية بدون تأييد إلهي.

الرابع: قوله:" لو لم يصلب المسيح لم يبق على المحسوسات اعتماد" إن أراد لم يبق عليها اعتماد مع عدم المعارض لها فلا نسلم أن ذلك لازم لعدم صلب المسيح، وإن أراد مع وجود المعارض/ فهو صحيح، فإن مدارك العلم إما حس أو عقل أو مركب منهما. وكلها قد تخلف مع وجود المعارض. أما الحس فكما في التخييلات/ السحرية والشعبذية وكعدم «٢» إدراك الصوت للصمم «٣» والريح للخشم «٤» والطعم للمرة، واللمس لفساد في آلته، أو لعلة في محله، وأما العقل فكما يعرض للإنسان عند غلبة السوداء «٥» أو الحزن أو الفرح المفرطين أو السكر ونحوه من المغيّبات كالنوم والإغماء فإنه يرى الحقائق منقلبة، والأمور مضطربة، وأما المركب منهما فكخبر الواحد إذا كان في طريقه كذاب. وكالتواتر إذا فقد فيه شرط.


(١) في (ش): المستقل.
(٢) في (ش): لعدم.
(٣) الصّمم: الأصم الذي فقد حاسة السمع [انظر لسان العرب ١٢/ ٣٤٢].
(٤) الخشم: يطلق على من كسر خيشومه، وعلى الداء الذي يأخذ في جوف الأنف فتتغير رائحته، وعلى سقوط الخياشيم وانسداد المتنفس، والذي يصيبه آفة من هذه الآفات لا يكاد يشم شيئا. [انظر لسان العرب ١٢/ ١٧٨ - ١٧٩].
(٥) السوداء: أحد الأخلاط الأربعة التي زعم الأقدمون أن الجسم مهيأ عليها، بها قوامه، ومنها صلاحه وفساده وهي: الصفراء، والدم، والبلغم والسوداء، وهي عند قدماء الأطباء خليط أسود، وهي عكر الدم الطبيعي وتطلق عند المحدثين على الاضطرابات المصحوبة بالحزن العميق المزمن، والتشاؤم العام الدائم، وهبوط النشاط الحركي، وفقدان الاهتمام بالعالم الخارجي، والأرق، ورفض الغذاء.
[المعجم الوسيط ١/ ٤٦١، والمعجم الفلسفي ١/ ٦٧٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>