للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكسبته الورق البيض أبا ... ولقد كان ولا يدعى لأب «١»

وقول مالك بن رفيع، وكان جنى جناية فطلبه مصعب بن الزّبير: [من الوافر]

بغاني مصعب وبنو أبيه، ... فأين أحيد عنهم؟ لا أحيد

أقادوا من دمي وتوعّدوني، ... وكنت وما ينهنهني الوعيد «٢»

«كان» في هذا كلّه تامة والجملة الداخل عليها «الواو» في موضع الحال. ألا ترى أن المعنى: «وجدت غير خاش للذئب»، و «لقد وجد غير مدعوّ لأب» و «وجدت غير منهنه بالوعيد وغير مبال به»، ولا معنى لجعلها ناقصة، وجعل «الواو» مزيدة.

وليس مجيء الفعل المضارع حالا، على هذا الوجه، بعزيز في الكلام، ألا تراك تقول: «جعلت أمشي وما أدري أين أضع رجلي» و «جعل يقول ولا يدري»، وقال أبو الأسود: «يصيب وما يدري»، وهو شائع كثير.

فأما مجيء المضارع منفيّا حالا من غير «الواو» فيكثر أيضا ويحسن، فمن ذلك قوله: [من الطويل]

ثووا لا يريدون الرّواح، وغالهم ... من الدّهر أسباب جرين على قدر «٣»

وقال أرطأة بن سهيّة، وهو لطيف جدّا: [من البسيط]

إن تلقني، لا ترى غيري بناظرة ... تنس السّلاح وتعرف جبهة الأسد «٤»


(١) البيت في مجموع شعره، والإيضاح (١٦٦)، والإشارات (١٣٩)، وشرح عقود الجمان (١٩١)، والتبيان (١٢١).
(٢) البيت في شرح عقود الجمان (١٩١)، منسوب لمالك بن رفيع، وفي الأمالي (٣/ ١٢٧)، ومالك ابن أبي رفيع الأسدي كان صعلوكا فطلبه ابن الزبير فهرب منه وقال هذا الشعر وله رواية أخرى:
«أتاني مصعب»، وشرح التصريح (١/ ١٩٢)، ولمالك بن رقية كالآتي:
تفانى مصعب وبنو أبيه ... وكنت ولا ينهنهني الوعيد
والإيضاح (١٦٦).
(٣) البيت في الإيضاح (١٦٦)، والإشارات (١٣٨)، والتبيان في علم البيان لابن الزملكاني (١٢٢) ط. بغداد، وقال الأستاذ محمود شاكر في نسخته من دلائل الإعجاز: هو لعكرشة العبسي أبي الشغب يرثي بنيه، وهو في شرح الحماسة للتبريزي (٣/ ٤٩، ٥٠)، ومجالس ثعلب (٢٤٢)، والشعر بتمامه في مقطعات مراث لابن الأعرابي رقم (٤)، ورواية البيت على الصواب كما أثبته «ثووا».
(٤) البيت في الأغاني (١٣/ ٣٧) وبعده:
ماذا تظنك تغني في أخي رصد ... من أسد خفان جابي العين ذي لبد
وكان شبيب بن البرصاء يقول: وددت أني جمعني وابن الأمة أرطاة بن سهية يوم قتال فأشفى منه غيظي، فبلغ ذلك أرطاة فقال له: الناظرة: العين.

<<  <   >  >>