[الأحاديث الواردة في فضل عثمان رضي الله عنه]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
ما زلنا مع الشموع المضيئة مع الأقمار المستنيرة مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين ملكهم الله رقاب الدنيا بأسرها في مدة وجيزة من عمر الزمن، والذين اختارهم الله على علم عنده، والذين نظر في قلوبهم فوجدهم أبر الناس قلوباً، وأعمق الناس علماً، وأفضل الناس خلقاً.
نحن اليوم مع ذي النورين مع عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأرضاه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً، فأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة، فإذا هو أبو بكر، ثم جاء آخر يستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة، فإذا هو عمر، ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه) رواه البخاري ومسلم.
وفي المسند: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار لـ عثمان بن عفان في خلوة بينه وبينه فخرج متغيراً) كأن هذا التغير أن النبي صلى الله عليه وسلم بين له ماذا سيحدث له، وفسر له هذه المصيبة والبلوى التي ستقع عليه، وهو التآمر عليه من أجل قتله، ولذلك نصح هذه النصيحة: (إذا ألبسك الله ثوباً فلا تخلع عنك هذا الثوب).
وروى قتادة أن أنساً حدثهم قال: (صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحداً، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف، فقال: اسكن أحد! فإنه ليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدين) وكأن هذه الشهادة الصريحة من النبي صلى الله عليه وسلم أن قتل عثمان شهادة، فالنبي هو محمد صلى الله عليه وسلم، والصديق هو أبو بكر الصديق، والشهيدان: عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين.
وعن نافع عن عبد الله بن عمر قال: (كنا في زمن النبي لا نعدل بـ أبي بكر أحداً، ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم).
وعثمان بن عفان هو ذو النورين؛ وسمي بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوجه من ابنتيه، بل ورد في بعض الآثار أنه قال: (لو كان هناك ثالثة لزوجتك إياها) وذلك لفضل عثمان ولكرم عثمان، ولحياء عثمان.
وكفى بإيمان عثمان أنه ملئ حياء، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (إن الحياء لا يأتي إلا بخير)، وقال: (دعه فإن الحياء من الإيمان)، فحياء عثمان يضرب به المثل، كما في الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس وكان قد كشف فخذه، فدخل أبو بكر يستأذن فأذن له، ثم استأذن عمر فأذن له فدخل، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتحرك من مكانه ولم يغط فخذه، ثم دخل عثمان فغطى النبي صلى الله عليه وسلم فخذيه، فلما خرجوا جميعاً قالت عائشة: يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن أبا بكر قد استأذن فدخل ثم عمر استأذن فدخل ولم تغط فخذك، فلما دخل عثمان غطيت فخذك! فقال: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟!).
قال بعض المؤرخين: كان عثمان بن عفان إذا أراد أن يغتسل أظلم مكانه، يعني: عمل على إظلام مكانه حتى لا ينظر إلى عورته حياء منه رضي الله عنه وأرضاه.