للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونستطيع أن نجد أمثلة لهذا النقد الداخلي في حديث ابن جني عن أغلاط العرب ونجد إشارات كثيرة لدى غيره كلها يصف بعض المروي من الشعر وغيره من النصوص المعتمدة بالخطإ في اللفظ أو في التركيب أو في المعنى، وقد جمع السيوطي معظم هذه النصوص عند حديثه عن أغلاط العرب «١».

يتضح مما تقدم أن اللغويين قد عرفوا نقد المتن الذي يتناول المادة اللغوية نفسها بالنقد ويستطيع بوسائله المختلفة والمتنوعة أن يثبت صحة نسبتها إلى قائليها أو زيف هذه النسبة ويحدد بالتالي إمكان قبولها أو رفضها.

ولا نجد من اللغويين من خصص لهذه المرحلة من النقد بحثا نظريا منفصلا نستطيع منه وحده معرفة أصوله وقواعده، ولكن صدرت عنهم نصوص كالتي قدمناها يمكن منها التعرف على معالم هذا النقد وأصوله.

أما السيوطي فلم يفرد لهذا الموضوع بحثا منفصلا في كتابه، وإنما تضمنت مباحثه في بعض الأنواع التي قدمناها ما يتصل به، فقد نقل في حديثه عن المصنوع من اللغة بعض ما يتصل بالنقد الداخلي، وحين تناول المفاريد «٢» نقل عن ابن جني ما قدمناه من قبل فيما يتصل بهذه المرحلة من مراحل النقد.

ويبدو أن السيوطي قد اكتفى بالتعرض ضمنا لهذه المرحلة فلم يفرد لها قسما مستقلا لأنها متصلة بعدد من المباحث التي تناولها، والحقيقة أن تناول السيوطي لألفاظ اللغة في بعض المباحث التي سنتناولها فيما بعد كالفصيح والضعيف والمنكر والمتروك ونحوها، والغرائب والشواذ والنوادر، كل أولئك له صلة بالنقد الداخلي للرواية حيث أورد ما يتصل بفحص المنقول وبيان درجته من الفصاحة والاستعمال ومرتبته في اللغة، وتجنبا للاطالة فإننا سنشير إلى ذلك فيما بعد أثناء حديثنا عن ألفاظ اللغة عنده.


(١) المزهر ج ٢ ص ٤٩٤.
(٢) المزهر ج ١ ص ٢٤٨.

<<  <   >  >>