الحضارة إلى حالة الحضارة الكاملة، وربما كان هذا الانتقال المرتبط بالحقائق العلمية والأخلاقية للقرن العشرين هو مشكلة الساعة، ولكن مصاعب هذا التطور ليست واحدة في كل مكان، لأن قشور التقاليد التي تغلف الضمير، ليست دائماً بالثخانة أو الكثافة نفسها.
ولعل من الغريب أن نقول: إن الرجل المتحضر تزيد لديه هذه الأغلفة أو القشور. والإنجيل لم يدع شيئاً غريباً حين وجه إلى الفرنسيين الذين طبعتهم على الحرمان ثقافتهم وخرافتهم، هذه الآية الشهورة التي قال فيها:((طوبى لبسطاء العقول فإن لهم ملكوت السموات)) (١).
إن الوسط المثقف أقل الأوساط انطباعاً بالتغيرات الكبرى، المفاجئة، ولذلك فإن الانتقال من حالة (الـ yin الى yan) من أشق الأمور عليه، لأن الخط الذي ترسمه عبقرية ما في التاريخ، قد ينقلب إلى حفرة من الرمال تغوص فيها. أما الرجل الفطري، (البسيط العقل) فهو أحياناً أقدر على اجتياز منعطفات التاريخ، وربما كان للرجل الفطري في إفريقية وآسيا رسالته الخاصة في القرن العشرين، وهي أن يعين الإنسانية على اجتياز هذا المنعطف، فيما لو نجح هو في هذا الاجتياز، وربما لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تقرر فيها الإنسانية مصيرها فيما بين النيل إلى نهر الجانج ( Le Gange) بالهند، فإن آثارها الأولى في التاريخ قد ظهرت هنالك، حيث عبرت المرحلة من العصر الفردوسي إلى العصر الاقتصادي، إبان الثورة الزراعية في العصر الحجري الجديد، تلك الثورة التي أتاحت للإنسانية أن تحل الاستحالة الأولى في طريق السعي إلى مصيرها منذ سبعة آلاف عام.
ومؤتمر باندونج هو بكل تأكيد دليل على الانتقال التاريخي الذي سيتم هذه المرة من النظام الصناعي إلى النظام الأخلاقي. فلقد اتفق وقوع هذا الحدث الدولي مع لحظة حاسمة، تفصل بين أزمة رهيبة وبين حلها الضروري. والتفسير