مِنْ جُثَثِ المَوْتَى فَتَحُوا نَافِذَةً صَغِيرَةً إِلَى الفَضَاءِ الخَارِجِيِّ.
وَقَدْ عَثَرْنَا فِي هَذِهِ الغُرَفِ عَلَى هَيَاكِلَ بَشَرِيَّةٍ مَا زَالَتْ فِي أَغْلاَلِهَا.
كَانَ السُّجَنَاءُ رِجَالاً وَنِسَاءً، تَتَرَاوَحُ أَعْمَارُهُمْ مَا بَيْنَ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ وَالسَّبْعِينَ. وَقَدْ اِسْتَطَعْنَا إِنْقَاذَ عَدَدٍ مِنَ السُّجَنَاءِ الأَحْيَاءِ، وَتَحْطِيمِ أَغْلاَلِهِمْ، وَهُمْ فِي الرَّمَقِ الأَخِيرِ مِنَ الحَيَاةِ.
كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ أَصَابَهُ الجُنُونُ مِنْ كَثْرَةِ مَا صَبُّوا عَلَيْهِ مِنْ عَذَابٍ، وَكَانَ السُّجَنَاءُ جَمِيعًا عَرَايَا، حَتَّى اضْطُرَّ جُنُودُنَا إِلَى أَنْ يَخْلِعُوا أَرْدِيَتَهُمْ وَيَسْتُرُوا بِهَا بَعْضَ السُّجَنَاءِ.
أَخْرَجْنَا السُّجَنَاءَ إِلَى النُّورِ تَدْرِيجِيًّا حَتَّى لاَ تَذْهَبَ أَبْصَارُهُمْ، كَانُوا يَبْكُونَ فَرَحًا، وَهُمْ يُقَبِّلُونَ أَيْدِي الجُنُودِ وَأَرْجُلَهُمْ الذِينَ أَنْقَذُوهُمْ مِنَ العَذَابِ الرَّهِيبِ، وَأَعَادُوهُمْ إِلَى الحَيَاةِ، كَانَ مَشْهَدًا يُبْكِي الصُّخُورَ.
ثُمَّ اِنْتَقَلْنَا إِلَى غُرَفٍ أُخْرَى، فَرَأَيْنَا فِيهَا مَا تَقْشَعِرُّ لِهَوْلِهِ الأَبْدَانُ، عَثَرْنَا عَلَى آلاَتٍ رَهِيبَةٍ لِلْتَّعْذِيبِ، مِنْهَا آلاَتٌ لِتَكْسِيرِ العِظَامِ، وَسَحْقِ الجِسْمِ البَشَرِيِّ، كَانُوا يَبْدَأُونَ بِسَحْقِ عِظَامِ الأَرْجُلِ، ثُمَّ عِظَامِ الصَّدْرِ وَالرَّأْسِ وَاليَدَيْنِ تَدْرِيجِيًّا، حَتَّى يُهَشَّمَ الجِسْمُ كُلَّهُ، وَيَخْرُجَ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute