فالكرامات امتحان وابتلاء كالملك والسلطان والمال كما قال سليمان - صلى الله عليه وسلم -: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (٤٠)} [النمل: ٤٠].
فالنعم ابتلاء من الله يظهر بها شكر الشكور وكفر الكفور، كما أن المحن بلوى منه، فهو يبتلي بالنعم كما يبتلي بالمصائب، فمن شكر زاده الله، ومن كفر سلبه إياه.
وإذا ابتلى الله الإنسان بالفقر، فإن صبر أعطي أضعاف ما فاته من الرزق، وإن سخط فله السخط.
فالصبر والذكر والشكر من أجل مقامات الدين وأعظمها.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. اللَّهُمَّ! أَجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلا أجَرَهُ اللهُ فِي مُصِيبَتِهِ. وَأخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْها» أخرجه مسلم (١).
وهذا الحديث يتضمن أصلين عظيمين:
أحدهما: أن العبد وأهله وماله ملك لله عزَّ وجلَّ، والملك يتصرف في ملكه كيف شاء، أما العبد فلا يتصرف إلا بإذن مالكه ووفق أمره.
الثاني: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق، فليفكر بما يقدم به على ربه من الإيمان والأعمال الصالحة.
ولينظر إلى مقدار الأجر على المصيبة إن صبر، وأنها أخف مما هو أعظم منها، وليعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
ومعرفة هذا أبلغ علاج للمصاب، وأنفعه له في عاجلته وآجلته، وبه يتسلى عما أصابه.
ولله تبارك وتعالى على كل أحد عبودية بحسب مرتبته سوى العبودية العامة التي