وأما الآيات الثلاث التى تلا الآية السابقة فى سورة الفرقان والتى تذكر من صفات عباد الرحمن، قوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩) إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٠) فإنها آيات مدنية فى قول ابن عباس وقتادة.
وأما بقية آيات سورة الفرقان فتذكر من صفات عباد الرحمن أنهم لا يشهدون الزور الذى يمكن أن يقع فيه غيرهم، ومعنى ذلك أنهم لا يقولون الزور ولا يفعلونه وأنهم كرام لا يشهدون لغوا ولا يأتونه، وأنهم يحسنون الإقبال على آيات الله بكل ما أوتوا من قدرات. وهم الذين يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يهبهم من المحيطين بهم من أزواج وذرية ما تقر به أعينهم، وأن يجعلهم فى الخير أئمة يقتدى بهم، وجملة هذه الصفات تدل على سمو حال هؤلاء وصلاحهم مع ربهم ومع أقرب الناس إليهم ومع الذين يتعاملون معهم، ولذلك استحقوا الجزاء من جنس حالهم فجزاهم الله الغرفة بهذه الخصال التى لا ينال إلا بالصبر فبمثل هذه الخصال يكون قدر الإنسان عند الله سبحانه قال تعالى: وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً (٧١) وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً (٧٢) وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً (٧٣) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (٧٤) أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (٧٥) خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً (٧٦) قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً (٧٧).