ومع وقوفنا عند آيات القدرة والنعمة التى يفيد منها المؤمنون ولا ينتفع بها الكافرون فيعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وهذا يحزن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو الحريص على هداية الناس، تخاطبه الآيات الكريمة بعد ذلك بما يخفف عنه هذا وبما يوقظ فى نفوس الناس رغبة اتباع الرسول الذى لا يطلب منهم على هدايتهم أجرا. فهو يدعو إلى الله وحده ويتوكل عليه ويسبح بحمده وكل ذلك من أسباب تقوية النفس «فى مواجهة هذه المواقف من الناس، قال تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (٥٧) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩).
وفى هذه الآيات تعريف للناس بكيفية معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا فليس الأمر فيها على الهوى، وإنما نثبت ما أثبته الله سبحانه لنفسه وما أثبته رسوله صلّى الله عليه وسلم، وننفى ما نفاه عن نفسه سبحانه من غير تأويل أو تعطيل أو تشبيه. فالله سبحانه الخبير الذى عرفنا بنفسه فى كتابه الكريم وفى سنة رسوله صلّى الله عليه وسلم وأهل العلم النافع هم الذين يلتزمون بهذا ويسألون من قبل غيرهم ليخبروهم بهذا. وإذا كان هذا منهج سلف الأمة فإن الكافرين المستكبرين الجاحدين يتساءلون كبرا عن الرحمن سبحانه، وهو الذى خلق ورزق ورحم عباده ببعثه رسوله، وكثر خيره على خلقه فجعل لهم ما يرونه فى السماء من بروج، وجعل فيها شمسا وقمرا وجعل لهم الليل والنهار. وإذا كان موقف الكافرين الاستكبار فإن للرحمن عبادا زانهم إيمانهم بربهم فعاملوا الناس بمكارم الأخلاق، وعبدوا الله بصدق وإخلاص فصلوا بالليل والناس نيام وعرفوا عاقبة الكافرين والمعرضين فاستعاذوا بالله من النار وعرفوا الوسطية فى إنفاقهم. قال تعالى: