كما نبذت للطير والوحش رازم ... فالقت شروراً بين مختطفيها
تناءت عن الإنصاف من ضيم لم يجد ... سبيلاً إلى غايات منتصفيها
فأطبق فماً عنها وكفاً ومقلةً ... وقل لغوي الناس فاك لفيها
كأن التي في الكأس يطفو حبابها ... سمام حباب عند مرتشفيها
وله من جملة قصيدة:
أرى الدنيا وما وصفت ببر ... إذا أغنت فقيراً أوهقته
إذا خُشيت لشر عجلته ... وإن رُجيت لخير عوقته
حياة كالحبالة ذات مكر ... ونفس المرء صيدٌ أعلقته
وأنظر سهمها قد أرسلته ... إلي بنكبة أو فوقته
فلا يُخدع بحليتها أديب ... وإن هي سورته ومنطقته
أذاقته شهياً من جناها ... وصرت فاه عما ذوقته
وأمثال هذه كثيرة في شعره، فاعرفها فإنها من محاسن لزموا ما لا يلزم.
وعليك أيها المنتصب لاستعمال هذا النوع من الكلام أن تسلك هذا المذهب القويم وتنهج هذا اللقم الواضح، غير متصيد له ولا مكثر منه حتى تخل بالمعنى المندرج تحته وتذهب برونقه وطلاوته. وقد ورد من هذا الباب قول طرفة بن العبد:
ألم تر أن المال يكسب أهلهُ ... نضوحاً إذا لم تعط منه نواسبه
أرى كل مال لا محالة ذاهباً ... وأفضله ما ورث الحمدَ كاسبهْ