الحمد لله مبدي النعم، أولاً وآخراً، مسدي الولاء باطنا وظاهراً، الذي فطر الإنسان بحكمته ولطفه، وركب فيه آلة النطق فبلغ به كمال وصفه، فكان ذلك عليه من أتم الإحسان، الذي تميز به عن جميع أصناف الحيوان، ولولا فضله لما ورد في القرآن المجيد، مقرونا بالإخراج من العدم إلى الوجود، فقال تعالى:(الرحمن علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان) نحمده على ترادف آلائه وتهاديها، والتحاق رائحها بغاديها، حمداً يكون بالزيارة ضميناً، وبإيلاء الخيرات قميناً، ونصلي على رسوله محمد الصادع بأمره، القائم بدينه في سره وجهره، وعلى آله مصابيح الإيمان وزهره، وأصحابه ملاذ الإسلام وذخره.
أما بعد فلما كان تأليف الكلام، مما لا يوقف على غوره، ولا يعرف كنه أمره، إلا بالاطلاع على علم البيان، الذي هو لهذه الصناعة بمنزلة الميزان، احتجت حين شدنت نبذة. من الكلام المنثور، إلى معرفة هذا المذكور، فشرعت عند ذلك في تطلبه، والبحث عن تصانيفه وكتبه، فلم أترك في تحصيله سبيلاً إلا نهجته، ولا غادرت في إدراكه باباً إلا ولجته،