للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقال أيضا: حضرت مجلس بعض متصوفة العصر، فسمعته يقول من غير أدنى مناسبة للموضوع الذي التزم الكلام فيه: لنا ولله الحمد على جعل السبحة في الأعناق أدلة واضحة من الكتاب والسنة، فاستغربت ذلك غاية الاستغراب وصارت منافذ جسمي كلها مسامع لتلقي هذا البهتان العظيم، فسمعته يقول: أما الدليل من الكتاب: فقول الله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} (١). وأما الدليل من السنة: فما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حمله السيف في عنقه حين ركب على الفرس العري لأبي طلحة (٢). قال: ولا شك أن السيف هو آلة الجهاد الأصغر، والسبحة آلة الجهاد الأكبر، فاقشعر جلدي واصطكت مسامعي لذلك، وقمت مسرعا خوف أن يخسف بأهل ذلك المجلس، ولكن الله سبحانه أبقى عليهم استدراجا لهم، ومن هذا القبيل كل ما يستدل به هذا البعض على جواز ما يرتكبه أكَلة اللحوم النيئة والنار، وشادخوا الرؤوس من المضحكات المبكيات. (٣)

- وقال أيضا: إننا اجتمعنا بكثير من متصوفة العصر، وداخلناهم وخالطناهم مخالطة مستطلع باحث عن أسرارهم وخصائصهم ومميزاتهم، فوجدناهم يقدس بعضهم بعضا، ويركع بعضهم أمام بعض متجاوزين في


(١) الإسراء الآية (١٣).
(٢) أحمد (٣/ ١٤٧و١٦٣و١٧١و١٨٥و٢٠٢) والبخاري (٦/ ٤٣/٢٨٢٠) ومسلم (٤/ ١٨٠٢ - ١٨٠٣/ ٢٣٠٧) وأبو داود (٥/ ٢٦٣/٤٩٨٨) والترمذي (٤/ ١٧١ - ١٧٢/ ١٦٧٥ - ١٦٧٨) والنسائي في الكبرى (٥/ ٢٥٧/٨٨٢٩) وابن ماجه (٢/ ٩٢٦/٢٢٧٢) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٣) ضرب نطاق الحصار على أصحاب نهاية الانكسار (ص.٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>