للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرق وحمق ما بعده من خرق وحمق.

وقد عانى علماء الدين الدافعون لهذه الداهية الدهماء مشاق جسيمة عرفها من عرفها، وأنكرها من لم يقف عليها، ولكن تغلبات الأحوال اقتضت فساد الأعمال. وإذا أمعنت النظر في تعدد طرق القوم، واختلاف أحوالهم، وتباين بعضهم بعضا، علمت أن سبب هذا الاختلاف، وكثرة المناكر، وتطرق البدع، إنما هو من جهة قوم تأخرت أزمنتهم عن عهد ذلك السلف الصالح وادعوا الدخول فيها من غير سلوك شرعي، ولا فهم لمقاصد أهلها وتقولوا عليهم ما لم يقولوا به، حتى صارت كل طريقة في هذه الأزمنة الأخيرة كأنها شريعة أخرى غير ما أتى به مولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وأعظم من ذلك أن كل طريقة من هذه الطرق تتساهل في اتباع السنة وترى اختراع العبادات طريقا للتعبد صحيحا. (١)

- وقال أيضا: وتعدد هذه الطوائف أقبح شئ في العصر، وكأن الدين ليس واحدا، وكأن ربه لم يكن واحدا، وكأن مبلغه عن ربه لم يكن واحدا.

وهذا التعدد يدعو إلى الشك، والشك يدعو إلى الإهمال، والإهمال يورث البغض، وعاقبة ذلك الهلاك في دار التحصيل، وفي دار الجزاء.

ومن حق علماء الدين أن يدفعوا هذا الباطل بقدر طاقتهم وقوتهم، لأن الباطل يفسد الحياة، ولأن انتشاره يورث الهلكة. (٢)


(١) الرحلة (ص.١٩٥).
(٢) الرحلة (ص.٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>