للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففاز بأخس الآراء والمطالب، فرح بما عنده من العلم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، وقدم آراء من أحسن به الظن على الوحي المنزل المشروع، والنص المرفوع، حيران يأتم بكل حيران، يحسب كل سراب ماء، فهو طول عمره ظمآن، ينادى إلى الصواب من مكان بعيد، أقبل إلى الهدى فلا يستجيب إلى يوم الوعيد، قد فرح بما عنده من الضلال وقنع بأنواع الباطل وأصناف المحال، منعه الكفر الذي اعتقده هدى، وما هو ببالغه عن الهداة المهتدين، ولسان حاله أو قاله يقول: {أَهَؤُلَاءِ مَن اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} (١).

ولما كان الكلام في هذا الباب نفيا وإثباتا موقوفا على الخبر عن أسماء الله وصفاته وأفعاله وخلقه وأمره، فأسعد الناس بالصواب فيه من تلقى ذلك من مشكاة الوحي المبين، ورغب بعقله وفطرته وإيمانه عن آراء المتهوكين، وتشكيكات المشككين، وتكلفات المتنطعين، واستمطر ديم الهداية من كلمات أعلم الخلق برب العالمين، فإن كلماته الجوامع النوافع في هذا الباب وفي غيره كفت وشفت وجمعت وفرقت وأوضحت وبينت وحلت محل التفسير والبيان لما تضمنه القرآن.

ثم تلاه أصحابه من بعده على نهجه المستقيم، وطريقه القويم، فجاءت كلماتهم كافية شافية مختصرة نافعة، لقرب العهد ومباشرة التلقي من تلك المشكاة التي هي مظهر كل نور، ومنبع كل خير، وأساس كل هدى.


(١) الأنعام الآية (٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>