للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتقادهم، وما انطوت عليه ضمائرهم في معاني السنن ليقتدي بهم المقتفي، وذلك حين فشت البدع في البلدان وكثرت دواعيها في الزمان، فحينئذ وقع الاضطرار إلى الكشف والبيان ليهتدي بها المسترشد في الخلف، كما فاز لها من مضى من السلف، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتقين، وأن يعصمنا من اختراع المبتدعين، وأنا أذكر بتوفيق الله تعالى جماعة من أئمتنا من السلف ممن شرعوا في هذه المعاني فمنهم أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري فإنه قد أظهر اعتقاده، ومذهبه في السنة في غير موضع، وقد أملاه على شعيب بن حرب.

ومنهم أبو محمد سفيان بن عيينة الهلالي فإنه قد أجاب في اعتقاده حين سئل عنه كما رواه محمد بن إسحاق الثقفي، ومنهم أبو عمرو عبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي إمام أهل الشام فإنه قد أظهر اعتقاده في زمانه، ورواه ابن إسحاق الفزاري. ومنهم أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك إمام خراسان، والفضيل بن عياض، ووكيع بن الجراح، ويوسف بن أسباط، قد أظهروا اعتقادهم، ومذاهبهم بالسنن، ومنهم شريك بن عبد الله النخعي، ويحيى بن سعيد القطان، وأبو إسحاق الفزاري، ومنهم أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي المديني إمام دار الهجرة وفقيه الحرمين فانه قد أظهر اعتقاده في باب الإيمان والقرآن، ومنهم أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي سيد الفقهاء في زمانه، ومنهم أبو عبيد القاسم بن سلام، والنضر بن شميل، وأبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي من تلاميذ الشافعي، أظهر اعتقاده حين ظهرت المحنة في باب القرآن، ومنهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل سيد أهل الحديث في زمانه، وأفضل من تورع في عصره وأوانه، قد أظهر اعتقاده ودعا الناس إليه وثبت في المحنة، وبالغ فيه غاية المبالغة، ومنهم الشيخ الزاهد الفاضل زهير بن نعيم البابي السجستاني، له اعتقاد في رسالة كتبها إلى بعض إخوانه.

ثم ذكر طائفة من العلماء ممن ألف في الاعتقاد، إلى أن قال رحمه الله: وكان أبو أحمد بن أبي أسامة القرشي الهروي من أفاضل من بخراسان من العلماء والفقهاء أملى اعتقادا له قال: وينبغي لمن من الله بعلم الهداية والكرامة بالسنة ممن بقي من الخلف القدوة ممن مضى من السلف، وأن مذهبنا ومذهب أئمتنا من أهل الأثر: أن نقول أن الله عز وجل أحد لا شريك له، ولا ضد له ولا ند له ولا شبيه له، إلها واحدا أحدا صمدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يشرك في حكمه أحدا.

قال: ونؤمن بصفاته أنه كما وصف نفسه في كتابه المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، ونؤمن بما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صفاته جل جلاله بنقل العدول، والأسانيد المتصلة التي

<<  <  ج: ص:  >  >>