أشيء تملكه مع الله أم شيء تملكه من دونه؟ قال: فارتج الرجل فقال علي رضي الله عنه: ما لك لا تتكلم؟ أما لئن زعمت أن ذلك شيء تملكه مع الله عز وجل؛ فقد جعلت مع الله مالكا وشريكا، ولئن كان شيئا تملكه من دون الله؛ لقد جعلت من دون الله مالكا، قال الرجل: قد كان هذا من رأيي وأنا أتوب إلى الله عز وجل منه توبة نصوحا لا أرجع إليه أبدا. (١)
- وفيها: قال شيخ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه عند منصرفه من الشام، أخبرنا يا أمير المؤمنين عن مسيرنا إلى الشام؛ أبقضاء من الله وقدر أم غيرهما؟ قال علي رحمه الله: والذي خلق الحبة وبرأ النسمة؛ ما علوتم تلة ولا هبطتم واديا إلا بقضاء من الله وقدره، قال الشيخ: عند الله أحتسب عنائي وإليه أشكو خيبة رجائي، ما أجد لي من الأجر شيئا؟ قال: بلى؛ قد أعظم الله لكم الأجر على مسيركم وأنتم سائرون، وعلى مقامكم وأنتم مقيمون، وما وضعتم قدما، ولا رفعتم أخرى؛ إلا وقد كتب الله لكم أجرا عظيما. قال الشيخ: كيف يا أمير المؤمنين والقضاء والقدر ساقانا وعنهما وردنا وصدرنا؟ فقال علي رضي الله عنه: أيها الشيخ! لعلك ظننته قضاء جبرا وقدرا قسرا، لو كان ذلك كذلك؛ لبطل الأمر والنهي، والوعد والوعيد، وبطل الثواب والعقاب، ولم يكن المحسن أولى بمثوبة الإحسان من المسيء، ولا المسيء أولى بعقوبة الإساءة من المحسن. قال الشيخ: فما القضاء والقدر؟ قال علي: العلم السابق في اللوح المحفوظ والرق المنثور بكل ما كان وبما هو كائن، وبتوفيق الله ومعونته لمن اجتباه بولايته وطاعته وبخذلان الله وتخليته لمن
(١) الإبانة (٢/ ٩/١٤٠/ ١٥٨٢) وابن عبد البر في الجامع (٢/ ٩٨٧).