للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئاً مخلوقاً لا يجوز أن يمسه إلا طاهر طهارة تجوز له بها الصلاة؟ فلولا ما شرف الله به القرآن وأنه كلامه وخرج منه، لجاز أن يمسه الطاهر وغير الطاهر، ولكنه غير مخلوق، فمن ثم حظر أن يمس المصحف أو ما كان فيه مكتوب من القرآن إلا طاهر، فقال تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)} (١).اهـ (٢)

- وقال:

باب ذكر اللفظية والتحذير من رأيهم ومقالاتهم:

واعلموا رحمكم الله أن صنفاً من الجهمية اعتقدوا بمكر قلوبهم وخبث آرائهم وقبيح أهوائهم؛ أن القرآن مخلوق، فكنوا عن ذلك ببدعة اخترعوها تمويها وبهرجة على العامة، ليخفى كفرهم، ويستغمض إلحادهم على من قل علمه وضعفت نحيزته، فقالوا: إن القرآن الذي تكلم الله به وقاله، فهو كلام الله غير مخلوق، وهذا الذي نتلوه نقرؤه بألسنتنا ونكتبه في مصاحفنا ليس هو القرآن الذي هو كلام الله، هذا حكاية لذلك، فما نقرؤه نحن حكاية لذلك القرآن بألفاظنا نحن، وألفاظنا به مخلوقة. فدققوا في كفرهم، واحتالوا لإدخال الكفر على العامة بأغمض مسلك، وأدق مذهب، وأخفى وجه، فلم يخف ذلك بحمد الله وَمَنِّهِ وحسن توفيقه على جهابذة العلماء والنقاد العقلاء، حتى بهرجوا ما دلسوا وكشفوا القناع عن قبيح ما ستروه، فظهر للخاصة والعامة كفرهم وإلحادهم، وكان الذي فطن لذلك وعرف موضع القبيح منه الشيخ الصالح، والإمام العالم العاقل أبو عبد الله -أحمد بن محمد بن حنبل- رحمه


(١) الواقعة الآية (٧٩).
(٢) الإبانة (١/ ١٢/٢٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>