للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون نحوا من قول الطائي: الخفيف

شَاَبَ رأسيَ وما رأيتُ مشَيبَ الرَّا ... سِ إلا من فَضلِ شيب الفؤادِ

إلا أن الطائي جعل شيب فؤاده متقدماً شيب رأسهِ، وأبو الطيب جعل البياض في سواد عينه من أجل حزنه.

وأقول: أنظر إلى هذه المشابهة بين البيتين وبعدها! بل لا مشابهة البتة، ولا إقامة صورة لفظ صحيح، ولا معنى صحيح! وقول أبي الطيب من قول ابن المعتز: البسيط

في كلً يَومِ أرى بيضَاء طاَلعةَ ... كأنماً نبَتْ في باَطنِ البصر

إلا أنه زاد عليه بالطباق. والمعنى: أن عيني إذا رأت الشعر الأبيض في رأسي أو لحيتي؛ فكأنما لم تجده نابتا هناك، بل كأنه نابت في سوادها. وهو توهم أن رؤية الشعر الأبيض في سواد العين كأنه حقيقة؛ وذلك لا يمكنه إدراكه إلا بالمرآة وليس كذلك، بل هو استعارة ومجاز. وجدير لمن لم يضرب في الشعر بسهم، ولم يقف منه على رسم، ولم يعرف منه غير اسم، أن يفسره هذا التفسير، ويعبر عنه بهذا العبير!!

<<  <  ج: ص:  >  >>