فيقال له: ليس تعثّر البرد بحمل الخبر الذي هو نعيّ حقيقة، بل مجازا مبالغة وإغراقا. وهذا، في كلامهم أكثر من أن يحصى، فمن ذلك قول الشّماخ:(الطويل)
ابعد قتيل بالمدينة أظلمت ... له الأرض تهتزّ العضاه بأسؤق
وقول الآخر:(الطويل)
أيا شجر الخابور مالك مورقا؟ ... كأنّك لم تحزن على ابن طريف
وقول المتنبي:(الطويل)
إذا ظفرت منك العيون (بنظرة) ... أثاب بها معيي المطيّ ورازمه
على أن الشّيخ قد قال في تفسير قوله:(الكامل)
طربت مراكبنا فخلنا إنها ... لولا حياء عاقها رقصت بنا
والمراكب جمع مركب، وهو الذي يوضع على ظهر الدّابة، ويجوز أن تسمّى الدابة مركبا، وكون المركب في معنى السّرج أبلغ في هذا الموضع، لأنّ الدابة حيوان، فهي أقرب إلى الرقص من الذي يركب فيه.
فهو كما ترى قد جعل الجماد الذي هو خشب، يرقص لفرحه. فهلاّ أجاز في الحيوان، الذي هو بريد، أن يعثر لحزنه. وكلاهما استعارة ومجاز.