للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لقيناهما وجدناهما من الضّعف بمنزلة الشّحمة

وهذا المثل السائر: ما كلّ سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة فلمّا لقينا بني تغلب وجدناهم بضدّ ذلك من القوة والشّدة، ولم يكونوا كجذام وحمير شحمة، فقرع القنا (النّبع) بعضه ببعض كناية عن (قتال) القبليتين كلاب وتغلب، انهم بعض من بعض!

وقال في قوله: (البسيط)

تعثّرت به في الأفواه ألسنها ... والبرد في الطّرق والأقلام في الكتب

يريد أن هذا الخبر (نبا) عظيم، لا تجترئ الأفواه على النّطق به، فهذا قد يجوز أن يكون صحيحا، لأن الإنسان ربّما هاب الشيء لعظمه في نفسه. وكذلك الكاتب الذي يكتب بالخبر الشّنيع، ربّما تعثر قلمه فيه هيبة للأمر، وإنما التّعثر من الكاتب، وأمّا ادّعاؤه التّعثّر للبرد، فكذب لا محالة، لأن البريد لا يشعر بالخبر. وقد ذكر أبو الطّيب في مكان آخر، ما يدلّ على أن حامل الكتاب الذي لا يشعر ما فيه، غير شاق عليه حمله فكيف بالدابّة التي لا يحكم عليها بالعقل؟! فمن ذلك قوله لعضد الدولة: (السريع)

حاشاك أن تضعف عن حمل ما ... تحمّل السّائر في كتبه

<<  <  ج: ص:  >  >>