ثم بعد هذه المدة التي يعلمها الله {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْأِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى}[النازعات:٣٤ - ٣٦] اسمع الفرق يا عبد الله، وهذه الحياة التي قضاها في الدنيا انظر إلى عاقبتها في الآخرة:{فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات:٣٧ - ٣٩] وانظر على الآخر: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات:٤٠ - ٤١] ويكون ذلك إذا انتهت مدة الحياة، وأذن الله في خراب هذه الحياة الدنيا؛ لننتقل منها إلى دار الآخرة.
ثم يقول الله جل وعلا في محكم البيان:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ}[الحج:١] أي: اجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية، اتقوا ربكم: تقربوا إلى الله بطاعته، أطيعوا الله، وعظموا أوامره، واجتنبوا نواهيه.
عباد الله: إنها لحظات عظيمة، في ذلك الموقف العظيم يقول تعالى:{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ}[الفجر:٢٣] وجهنم يقول عنها صلى الله عليه وسلم: {يؤتى بجهنم يوم القيامة تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها} اضرب -يا عبد الله- سبعين بسبعين ألف، الله أكبر! إنها نار وقودها الناس والحجارة، في يوم القيامة في ذاك الموقف العظيم الرهيب، الذي يحتاج الناس إلى من يشفع لهم عند ربهم جل وعلا لينزل الله جل جلاله ليقضي بين العباد، ليستريحوا من ذلك الموقف.
ولكن تلك الشفاعة يعتذر عنها ويبتعد عنها أولوا العزم من الرسل، كلهم يقول: نفسي نفسي، ثم يرجع الأمر إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك الموقف العظيم أناس اختصهم الله بكرامات عظيمة، أتدري ما هي يا عبد الله؟ هي أن يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، الله أكبر! ولكن أسفٌ على الشباب الذين يضيعون هذه الفرصة، وهم الذين عدَّهم الرسول في الدرجة الثانية بعد أن قال:{إمام عادل} ثم قال: {وشاب نشأ في طاعة الله} فيا أيها الشاب! لا تضيعوا هذه الفرصة.
نعم.
إنهم سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، ثم يأتينا تحذير بيّنه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة يقول:{يَرِدُ أقوام من أمتي الحوض، ثم تردهم الملائكة فأقول: أمتي أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك}.