ومستضعف، وطعام جائع وصلة رحم، وإخراج كل مساء صدقة، ولو طعاما مطبوخا، وجميع أنوع البر والخير بحسب اجتهاده، هذه ألفاظ الموصي، وفي الوصية إيصاء بمبلغ معلوم لمعينين، والثلث واسع يحمل الجميع، فهل المذكورات من قوله من قراءات قرآن ... إلخ، تعد من المجهولات الدائمة أم لا؟ وهل تكون حصصها متساوية أم لا؟ وهل قوله صلة رحم تكون له حصة، ويستوعب بها جميع الأرحام، أم لا يلزم استيعابهم، وهل قوله في الوصية بحسب اجتهاده راجع إلى أصل التقسيم، وإلى التوزيع بين أهل كل حصة أم غير ذلك؟ الإفادة منتظرة ولكم من الله الأجر، ومنا الدعاء.
(الجواب):
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الملهم للصواب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وسائر الأصحاب، أما بعد: فأقول قول الموصي في وصيته المذكورة بحسب اجتهاده، راجع إلى كل من أصل التقسيم والتوزيع بين أهل كل حصة لوجوه؛ (الوجه الأول) أن الجملة هنا واحدة لا متعددة، والعطف فيها للمفردات بالواو لا بالفاء ولا بثم. (الوجه الثاني) أن جميع المتعاطفات سيقت لغرض واحد. (الوجه الثالث) أن العامل هنا في جميع المتعاطفات واحد لا متعدد. (الوجه الرابع) أن هنا لم يقم دليل على إرادة البعض فهذه الوجوه ظاهرة ظهورا تاما في رجوع ما ذكر إلى كل من أصل التقسيم والتوزيع بلا خلاف، ولا شبهة كما يشهد لذلك ما ذكره الأصوليون من المذاهب في رجوع الاستثناء الواقع بعد جمل عطف بعضها على بعض.
(المذهب الأول) وهو الأصح أنه يعود للكل إلا أن يقوم دليل على إرادة البعض كما في قوله تعالى:} وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ {الآية فقوله:} إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا {عائد إلى فسقهم، وعدم قبول شهادتهم معا، إلا في الجلد لما قام عليه من الدليل، وسواء اختلف العامل في الجمل، لا بناء أم لا على أن العامل في المستثنى إنما هو إلا، لا الأفعال السابقة. (المذهب الثاني) أنه يعود للكل إن سيق الكل لغرض واحد، نحو حبست داري على أعمامي، ووقفت بستاني على إخواني، وسبلت سقايتي على جيراني؛ إلا أن يسافروا، وإلا فللأخيرة فقط نحو أكرم العلماء، وحبس ديارك على أقاربك وأعتق عبيدك إلا الفسقة منهم. (المذهب الثالث) إن عطفت بالواو عاد للكل أو بالفاء، أو ثم عاد للأخيرة فقط، وعليه ابن الحاجب.
(المذهب الرابع) أنه خاص بالجملة الأخيرة، واختاره أبو حيان. (المذهب الخامس) إن اتحد العامل فللكل، أو اختلف فللأخيرة خاصة، إذ لا يمكن حمل العوامل المختلفة في مستنثى واحد، وعليها البهابادي بناء على أن عامل المستثنى الأفعال السابقة دون إلا، أفاده السيوطي في الهمع، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(فائدة) مجربة للحمى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها، وهي موعوكة فقال لها:"ما لي أراك هكذا"