للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالإخبار الغيبي والتلقن من الحق، فيدخل في الرسول وارثه، قال الجنيد قدس سره: قعد غلام نصراني متنكرا، وقال: أيها الشيخ: ما معنى قوله عليه السلام: "اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله" فأطرقت رأسي ورفعت فقلت: أسلم أسلم، فقد حان إسلامك فأسلم الغلام، فهذا إما بطريق الفراسة أو بغيرها من أنواع الكشوف، وخرج من البين أهل الكهانة والتنجيم؛ لأنهم ليسوا من أهل الارتضاء والاصطفاء كالأنبياء، والأولياء فليس إخبارهم بطريق الإلهام والكشف، بل بالأمارات والظنون ونحوها، ولذا لا يقع أكثرها إلا كاذبا، من قال: أنا أخبر من أخبار الجن يكفر؛ لأن الجن كالإنس لا تعلم غيبا، وقد سبق أن الكهانة انقطعت اليوم فلا كهانة أبدا؛ لأن الشياطين منعوا من السماء، قال ابن الشيخ: إنه تعالى لا يطلع على الغيب الذي يختص به علمه إلا المرتضى الذي يكون رسولا، وما لا يختص به يطلع عليه غير الرسول إما بتوسط الأنبياء، أو بنصب الدلائل وترتيب المقدمات، أو بأن يلهم الله بعض الأولياء وقوع بعض المغيبات في المستقبل بواسطة الملك، فليس مراد الله بهذه الآية أن يطلع أحدا على شيء من المغيبات إلا الرسل؛ لظهور أنه تعالى قد يطلع على شيء من الغيب غير الرسل كما اشتهر أن كهنة فرعون، أخبروا بظهور موسى عليه السلام، وبزوال ملك فرعون على يده، وأن بعض الكهنة أخبروا بظهور نبينا محمد عليه السلام قبل زمان ظهوره، ونحو ذلك من المغيبات، وكانوا صادقين فيه، وأرباب الملل والأديان مطبقون على صحة علم التعبير، والمعبر قد يخبر عن وقوع الوقائع الآتية في المستقبل، ويكون صادقا فيه، ثم الآية قوله تعالى:} وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ {. اهـ.

(ما قولكم) في كتابة المصحف الشريف على حرف من حروفه السبعة المشهورة إذا أراد القارئ قراءته بذلك الحرف، هل يجوز لتسهل قراءته بذلك الحرف أم لا يجوز، وعلى الثاني فما المطلوب شرعا في كتابته أفتونا مثابين.

الحمد لله الملهم للصواب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وسائر الأصحاب، أما بعد؛ فأقول: قال العلامة السيوطي في الإتقان ما نصه: القاعدة العربية أن اللفظ يكتب بحروف هجائية مع مراعاة الابتداء به، والوقف عليه، وقد مهد النحاة له أصولا وقواعد، وقد خالفها في بعض الحروف خط المصحف الإمام، وقال أشهب: سئل مالك هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء، فقال: لا إلا على الكتبة الأولى رواه الداني في المقنع، ثم قال: ولا مخالف له من علماء الأمة، وقال في موضع آخر: سئل مالك عن الحروف في القرآن، مثل الواو والألف، أترى أن يغير من المصحف إذ وجد فيه كذلك؟ قال: لا، قال أبو عمرو: يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ، نحو: أولوا، وقال الإمام أحمد: يحرم

<<  <   >  >>