للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن يدَّعي لنفسه العصمة، فهو يشبه مَنْ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ، وَمَنْ يَزْعُمُ أَنه بِهِ قَامَتِ السَّمَوَاتُ والأَرض، فَقَدْ جَاوَزَ دَعْوَى النُّبُوَّةِ، وَهُوَ الْمَغْرِبِيُّ المُتَسَمِّي بِالْمَهْدِيِّ (١).

وَقَدْ كَانَ فِي الزَّمَانِ الْقَرِيبِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْفَازَازِيَّ ادَّعَى النُّبُوَّةَ، وَاسْتَظْهَرَ عَلَيْهَا بأُمور مُوْهِمَةٍ لِلْكَرَامَاتِ، والإِخبار بالمُغَيَّبات، وَمُخَيَّلَةٍ لِخَوَارِقِ الْعَادَاتِ، تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ من العوام جملة، ولقد سمعت أَن (٢) بَعْضَ طَلَبَةِ ذَلِكَ الْبَلَدَ الَّذِي احْتَلَّهُ (٣) هَذَا البائس (٤) ـ وهو (٥) مالقة (٦) ـ أَخذ (٧) ينظر في قوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٨)، وَهَلْ (٩) يُمْكِنُ تأْويله؟ وَجَعَلَ يُطَرِّقُ إِليه الِاحْتِمَالَاتِ (١٠)، ليُسَوِّغ إِمكانَ بعثِ نبيٍّ بَعْدَ (١١) مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مقتلُ هَذَا الْمُفْتَرِي على يَدَي (١٢) شيخ شيوخنا الأُستاذ (١٣) أَبي جعفر ابن الزبير رحمه الله (١٤).


(١) في (ت): "وهو المهدي المغربي". وانظر ما ذكره المصنف من أخبار هذا المتسمِّي بالمهدي (ص٨٤ ـ ٨٩) من هذا المجلد.
(٢) قوله: "أن" ليس في (خ) و (ت) و (م).
(٣) في (خ): "اختله" بالخاء المعجمة.
(٤) في (خ): "الباس".
(٥) في (ت): "وهي".
(٦) مالقة: مدينة بالأندلس، عامرة، من أعمال رية، سورها على شاطئ البحر بين الجزيرة الخضراء والمرية. "معجم البلدان" (٥/ ٤٣).
(٧) في (خ) و (ت): "آخذاً"، وفي (م): "آخر".
(٨) سورة الأحزاب: الآية (٤٠).
(٩) في (ت): "وأنه هل".
(١٠) في (خ): "الاحتمال"، وصححت فوقها.
(١١) قوله: "بعد" سقط من (ر) و (غ).
(١٢) في (خ) و (ت): "يد".
(١٣) قوله: "الأستاذ" من (ر) و (غ) فقط.
(١٤) أبو جعفر ابن الزبير هذا اسمه: أحمد بن إبراهيم بن الزبير الأندلسي، ترجم له الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" (١/ ٨٩ ـ ٩١ رقم ٢٣٢)، وذكر قصته مع الفازازي هذا، فقال: ومن مناقبه أن الفازازي الساحر لما ادعى النبوة قام عليه أبو جعفر بمالقة، فاستظهر عليه بتقرُّبه إلى أميرها بالسحر، وأوذي أبو جعفر، فتحوّل إلى غرناطة، فاتفق قدوم الفازازي رسولاً من أمير مالقة، فاجتمع أبو جعفر بصاحب غرناطة، ووصف له حال الفازازي فأذن له إذا انصرف بجواب رسالته أن يخرج إليه ببعض أهل البلد،=