للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي فِعْلِ خَوَاصِّ الْفَرْقِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى كثير (١).

وأَما بعث الدجّالين (٢): فقد كان من (٣) ذَلِكَ جُمْلَةً، مِنْهُمْ مَنْ تَقَدَّمَ فِي زَمَانِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِمْ.

وَمِنْهُمْ مَعَدٌّ مِنَ (٤) الْعُبَيْدِيَةِ (٥) الَّذِينَ مَلَكُوا إِفريقية، فَقَدَ حُكِيَ عَنْهُ أَنه جَعَلَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ: أَشهد أَن مَعَدّاً رَسُولَ اللَّهِ، عِوَضًا مِنْ كَلِمَةِ الْحَقِّ: "أَشهد أَن محمداً رسول الله"، ففعل المؤذن (٦)، فَهَمَّ المسلمون بقتله، ثم رأوا (٧) رفعه (٨) إِلى مَعَدٍّ لِيَرَوْا هَلْ هَذَا عَنْ أَمره؟ فَلَمَّا انْتَهَى كَلَامُهُمْ إِليه، قَالَ: ارْدُدْ عَلَيْهِمْ أَذانهم لعنهم الله.


=وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٣٢٧) من طريق سوار بن عبد الله العنبري، عن أبيه، عن مالك نحو سياق معن بن عيسى، ثم أخرجه من طريق أبي عروة ـ وهو رجل من ولد الزبير ـ؛ قال: كنا عند مالك، فذكروا رجلاً ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ مالك هذه الآية: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ} حتى بلغ {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}، فقال مالك: من أصبح في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقد أصابته الآية.
ومن طريق أبي نعيم أخرجهما الضياء المقدسي في "النهي عن سب الأصحاب" (٣٢ و٣٣).
وقال ابن العربي في "أحكام القرآن" (٤/ ١٧٧٨): "رواه عنه سوار بن عبد الله وأشهب وغيرهما؛ قالوا: قال مالك: من سبّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلا حقّ له في الفيء، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} اهـ.
وذكر القرطبي في "تفسيره" (١٦/ ٢٩٦ ـ ٢٩٧) قول مالك هذا من طريق أبي عروة الزبيري السابق، وعزاه للخطيب البغدادي، ثم قال: "قلت: لقد أحسن مالك في مقالته، وأصاب في تأويله، فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته، فقد ردّ على ربّ العالمين، وأبطل شرائع المسلمين ... "، ثم أخذ في ذكر بعض الأدلة من الكتاب والسنّة الدالة على فضل الصحابة رضي الله عنهم.
(١) قوله: "كثير" سقط من (ر) و (غ).
(٢) في (م): "الداجلين".
(٣) قوله: "من" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(٤) علق رشيد رضا هنا بقوله: هو اسم أول خلفاء العبيديين، الملقب بالمعز لدين الله. اهـ.
(٥) في (ت): "العبيديين".
(٦) قوله: "ففعل المؤذن" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(٧) قوله: "رأوا" سقط من (م).
(٨) في (خ) و (ت): "رفعوه" بدل "رأوا رفعه".