للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا أَنَّ صَاحِبَهَا لَيْسَ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ (١)، فَلِمَا جَاءَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إن الله (٢) حجز (٣) التَّوْبَةَ عَلَى كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ" (٤).

وَعَنْ يَحْيَى بن أبي (٥) عمرو السيباني (٦) قَالَ (٧): (كَانَ يُقَالُ: يَأْبَى اللَّهُ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ بِتَوْبَةٍ، وَمَا انْتَقَلَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ إِلَّا إِلَى أشر (٨) منها) (٩). ونحوه عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (مَا كَانَ رَجُلٌ عَلَى رَأْيٍ


(١) المراد بهذا الإطلاق غالب أهل البدع، وسيذكر المؤلف بعد قليل إمكان توبة المبتدع، وقد أنكر شيخ الإسلام ابن تيمية القول بعدم قبول توبته مطلقاً فقال: "قال طائفة من السلف منهم الثوري: "البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها". وهذا معنى ما روي عن طائفة أنهم قالوا: "إن الله حجر التوبة على كل صاحب بدعة" بمعنى أنه لا يتوب منها، لأنه يحسب أنه على هدى، ولو تاب لتاب عليه، كما يتوب على الكافر، ومن قال: إنه لا يقبل توبة مبتدع مطلقاً، فقد غلط غلطاً منكراً، ومن قال: ما أذن الله لصاحب بدعة في توبة، فمعناه ما دام مبتدعاً يراها حسنة لا يتوب منها، كما يرى الكافر أنه على ضلال، وإلا فمعلوم أن كثيراً ممن كان على بدعة تبين له ضلالها، وتاب الله عليه منها، وهؤلاء لا يحصيهم إلا الله". انظر مجموع الفتاوى (١١/ ٦٨٤ ـ ٦٨٥)، وسوف يتكلم المؤلف عن توبة المبتدع في الباب التاسع (٢/ ٢٦٧ ـ ٢٧٣، ٢٨٠ ـ ٢٨٢)، وانظر حقيقة البدعة وأحكامها لسعيد بن ناصر الغامدي (٢/ ٣٨٨ ـ ٤١٤).
(٢) لفظ الجلالة لم يكتب في أصل (م)، وقد أثبت في هامشها.
(٣) في (م) و (خ) و (ت) و (ط) و (ر): "حجر".
(٤) رواه الإمام ابن أبي عاصم في السنة، باب ما ذكر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: لا يقبل الله عمل صاحب بدعة، عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إن الله حجز ـ أو قال حجب ـ التوبة عن كل صاحب بدعة) (١/ ٢١) برقم (٣٧)، ورواه الإمام ابن وضاح في البدع والنهي عنها، باب هل لصاحب البدعة توبة، وذكره عن أنس (ص٦٢)، وقال عنه الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح غير هارون بن موسى الفروي وهو ثقة (١٠/ ١٥٤). وقد صححه الشيخ الألباني كما في السلسلة الصحيحة (٤/ ١٥٤) برقم (١٦٢٠).
(٥) ساقطة من (ت).
(٦) في المخطوط والمطبوع "الشيباني"، والصحيح المثبت كما تقدم في ترجمته (ص١٢).
(٧) ساقطة من (ت).
(٨) تقدمت روايته (ص١٥٢) بلفظ "شر"، وهو الموافق لرواية ابن وضاح في البدع والنهي عنها.
(٩) تقدم تخريجه (ص١٥٢).