للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من فارقه، والمنكر لديهم منكر، وجماعتهم متعاضدة عليه، متداعية إليه - متناصرة على الأخذ بيد فاعله وإرجاعه إلى الحق، والحيلولة بينه وبين ما قارفه من الأمر المنكر.

فعند ذلك لا يبقى أحد من العباد في ظاهر الأمر تاركا لما هو معروف، ولا فاعلا لما هو منكر، لا في عبادة، ولا في معاملة؛ فتظهر أنوار الشرع، وتسطع شموس العدل، وتهب رياح الدين، وتستعلن كلمة الله في عباده وترتفع أوامره ونواهيه، وتقوم دواعي الحق، وتسقط دواعي الباطل، وتكون كلمة الله هي العليا، ودينه هو المرجوع إليه [والمعمول] (١) به، وكتابه الكريم، وسنة رسوله المصطفى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - هما المعيار الذي توزن به أعمال العباد، ونرجع إليهما في دقيق الأمور وجليلها؛ وبذلك تنجلي ظلمات البدع، وتنقصم ظهور أهل الظلم، وتنكسر نفوس أهل معاصي الله، وتخفق رايات الشرع في أقطار الأرض، وتضمحل جولات الباطل في جميع بلاد الله عز وجل.

[أضرار ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر].

وأما إذا كان هذان الركنان العظيمان غير قائمين، أو كانا قائمين قياما صوريا لا حقيقيا فيالك من بدع تظهر، ومن منكرات تستعلن، ومن معروفات تستخفي، ومن جولات للعصاة وأهل البدع تقوى وترتفع، ومن ظلمات بعضها فوق بعض تظهر في الناس، ومن هرج و [مرج] (٢) في العباد يبرز للعيان، وتقر به عين الشيطان؛ وعند ذلك يكون المؤمن كالشاة العائرة، والعاصي كالذئب المفترس، وهذا بلا شك ولا ريب [٣أ] هو [المحيي] (٣) رسوم الدين، وذهاب نور الهدى، وانطماس معالم الحق. وعلى تقدير وجود أفراد من العباد يقومون بفرائض الله، ويدعون مناهيه، ولا يقدرون على أمر


(١) في (ب) والمعول
(٢) في (ب) ترج
(٣) في (ب) المحمي