للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- حفظكم الله -، ثم جعل التاء دالة على الوحدة على جهة الجزم لا يستلزم نفي دلالة اللام على الجنس كما قال نجم الأئمة الرضي في شرح الكافية (١) في الكلام على الكلمة ما لفظه: "فإن قيل: إن التاء تنفي لفظ الكلمة للوحدة؛ لأن كلمة وكلمًا كتمرة وتمر، واللام فيه للجنس، فيتناقضان لدلالة الجنس على الكثرة المناقضة للوحدة، فالجواب أن اللام في مثله ليس للجنس، ولا للعهد، كما يجيء في باب المعرفة، ولئن سلمنا ذلك.

قلنا: الجنس على ضربين، أحدهما: استغراق الجنس؛ وهو الذي يحسن فيه لفظ كل، كقوله تعالى: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} (٢)؛ أي: كل إنسان وإلا لم يجز الاستثناء؛ لأنه عند جمهور النحاة يخرج ما لولاه لوجب دخوله تحت المستثنى منه، وهذا الاستغراق مفيد للكثرة فيناقض الوحدة. (٣).

والثاني: ماهية الجنس من غير دلالة اللفظ على القلة ولا الكثرة، بل ذاك احتمال عقلي كما في قوله تعالى: {لئن أكله الذئب} (٤) لم يكن هناك ذئب معهود، ولم يرد استغراق الجنس أيضًا. ومثله قولكم: ادخل السوق، "واشتر اللحم"، وكل الخبر" وهذا [١٤] النوع من الجنس لا يناقض الوحدة؛ إذ لا دلالة فيه على الكثرة.

والمقصود في هذا الموضع هو الثاني؛ أي: ماهية الجنس من حيث هي هي؛ لأن الحد إنما يذكر لبيان ماهية [الجنس] (٥)، لا لبيان استغراقه انتهى بحروفه (٦). وكون اللام للعهد الخارجي ليس هو الأصل، ولا أم الباب، لما اشتهر من الخلاف بين أئمة النحو والبيان،


(١) (١/ ٢١، ٢٣).
(٢) [العصر: ٢ - ٣].
(٣) انظر "شرح الكافية" (١/ ٢٤). رضي الدين محمد بن الحسن الأستراباذي.
(٤) [يوسف: ١٤].
(٥) كذا في المخطوط وفي "شرح الكافية" (١/ ٢٤) الشيء.
(٦) كلام: رضي الدين في "شرح الكافية" (١/ ٢٣ - ٢٤).