للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيف لم يغضب لها من جاء بعده من الملوك المائلين إلى الخير (١) [١٨]، لا سيما وقد صارت هذه المقامات سببًا من أسباب تفريق الجماعات! وقد كان الصادق المصدوق ينهى عن الاختلاف والفرقة، ويرشد إلى الاجتماع والألفة كما في الأحاديث الصحيحة، بل نهى عن تفريق الجماعات في الصلوات.

وبالجملة فكل عاقل متشرع يعلم أنه قد حدث بسبب هذه المذاهب التي فرقت الإسلام فرقًا مفاسد أصيب بها الدين وأهله، وأن من أعظمها خطرًا وأشدها على الإسلام ما يقع الآن في الحرم من تفريق الجماعات، ووقوف كل طائفة في مقام من هذه المقامات، كأنهم أهل أديان مختلفة، وشرائع غير مؤتلفة، فإنا لله وإنا إليه راجعون (٢).

[حكم رفع المنارة] (٣).

وأما رفع المنارات فأصل وضعها المقصد صالح، وهو إسماع البعيد عن محل الآذان، وهذه مصلحة مسوغة إذا لم تعارضها مفسدة، فإن عارضتها مفسدة من المفاسد المخالفة للشريعة فدفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما تقرر في الأصول (٤).

[حكم تشييد البنيان فوق الحاجة].


(١) تم إزالتها ولله الحمد.
(٢) قلنا والحمد لله قد تم إزالتها ولم يبق لها أثر.
(٣) قال الألباني في " الأجوبة النافعة " (ص١٨): " ... ، فالذي نجزم به أن المنارة المعروفة اليوم ليست من السنة في شيء غير أن المعنى المقصود منها. وهو التبليغ، أمر مشروع بلا ريب - فإذا كان التبليغ لا يحصل إلا بها، فهي حينئذ مشروعة لما تقرر في علم الأصول: أن ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب. غير أن من رأيي أن وجود الآلات المكبرة للصوت اليوم يغني عن اتخاذ المأذنة كأداة للتبليغ، لا سيما وهي تكلف المبالغ الطائلة، فبناؤها والحالة هذه مع كونه بدعة - ووجود ما يغني عنه غير مشروع لما فيه من إسراف وتضييع للمال، ومما يدل دلالة قاطعة على أنها صارت اليوم عديمة الفائدة، أن المؤذنين لا يصعدون إليها البتة مستغنين عنها بمكبر الصوت ".
(٤) انظر " البحر المحيط " (٦/ ٧٦)، و" تيسير التحرير " (٤/ ١٧١).