وانظر: " البحر المحيط " (٣/ ١٩٠)، " تيسير التحرير " (١/ ٢٥٢). (٢) أما حكم حلق شعر الرأس فإنه يختلف باختلاف الداعي إليه: (أ): فإن حلق للحج أو العمرة فهذا نسك قد أمر الله به في كتابه وأمر به رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفعله هو والمسلمون. (ب): وإن حلقه لحاجة كمرض أو نحوه فهذا قد أذن الله فيه وقت الإحرام، قال تعالى: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة: ١٩٦]. ورخص فيه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لكعب بن عجرة حين جيء به إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو محرم والقمل يتناثر من رأسه، فقال له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يؤذيك هوام رأسك؟ قال: نعم، قال: احلق رأسك وانسك شاة: أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم فرقًا بين ستة مساكين " أخرجه البخاري رقم (٤١٥٩) ومسلم رقم (١٢٠). فإذا جاز ذلك للمحرم الذي يمنع من حلق شعره جاز لغيره بطريق الأولى. (ج): أن يحلقه لغير حاجة ولا نسك: روي عن الإمام أحمد أنه يكره، وروي عنه أنه لا يكره، لكن تركه أفضل وهذا هو الصحيح من المذهب. " الإنصاف " (١/ ١٢٣)، والمغني (١/ ١٢٢). * ويرى الحنفية أن الحلق سنة. " الفتاوى الهندية (٥/ ٣٥٧). * ويرى الشافعية أن الحلق جائز، فقد ذكر النووي في " المجموع " (١/ ٣٤٧) " أن الغزالي قال: لا بأس لمن أراد التنظيف، ولا بأس بتركه لمن أراد دهنه وترجيله ". * ويرى المالكية في حلق الرأس لغير ضرورة شرعية قولان: الجواز والكراهة. انظر: " كفاية الطالب الرباني " (٢/ ٣٦٦ - ٣٦٧). قلت: الراجح جواز حلق الرأس وتركه لحديث ابن عمر الصحيح أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى صبيًا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك. وقال: " احلقوا كله أو ذروا كله ". أخرجه أحمد (٢/ ٨٨) وأبو داود رقم (٤١٩٥) والنسائي (٨/ ١٣٠ رقم ٥٠٤٨) وهو حديث صحيح. ولحديث جعفر عبد الله بن جعفر الصحيح قد تقدم.