للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام بعد الكفر فعليه أن يحلق شعره الذي كان على بدنه في الكفر، وهو شعر الرأس لا شعر اللحية ونحوه مما لا يرد الشرع بحلقه. هذا على تسليم أن أمره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهذا الفرد من أفراد الكفار يكون أمرًا لكل فرد منهم، والخلاف في المسألة معروف في الأصول (١). ولم ينقل إلينا أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أحدًا ممن أسلم من أكابر الصحابة أن يحلق شعره، ولا من غيرهم من متأخري الإسلام غير هذا الرجل. ومع هذا فالحديث المذكور في حلق الرأس ضعيف كما أوضح ذلك علماء هذا الشأن (٢).


(١) انظر " إرشاد الفحول " (ص٤٤٤) تقدم ذكره.
وانظر: " البحر المحيط " (٣/ ١٩٠)، " تيسير التحرير " (١/ ٢٥٢).
(٢) أما حكم حلق شعر الرأس فإنه يختلف باختلاف الداعي إليه:
(أ): فإن حلق للحج أو العمرة فهذا نسك قد أمر الله به في كتابه وأمر به رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفعله هو والمسلمون.
(ب): وإن حلقه لحاجة كمرض أو نحوه فهذا قد أذن الله فيه وقت الإحرام، قال تعالى: {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} [البقرة: ١٩٦].
ورخص فيه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لكعب بن عجرة حين جيء به إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو محرم والقمل يتناثر من رأسه، فقال له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يؤذيك هوام رأسك؟ قال: نعم، قال: احلق رأسك وانسك شاة: أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم فرقًا بين ستة مساكين "
أخرجه البخاري رقم (٤١٥٩) ومسلم رقم (١٢٠).
فإذا جاز ذلك للمحرم الذي يمنع من حلق شعره جاز لغيره بطريق الأولى.
(ج): أن يحلقه لغير حاجة ولا نسك:
روي عن الإمام أحمد أنه يكره، وروي عنه أنه لا يكره، لكن تركه أفضل وهذا هو الصحيح من المذهب.
" الإنصاف " (١/ ١٢٣)، والمغني (١/ ١٢٢).
* ويرى الحنفية أن الحلق سنة. " الفتاوى الهندية (٥/ ٣٥٧).
* ويرى الشافعية أن الحلق جائز، فقد ذكر النووي في " المجموع " (١/ ٣٤٧) " أن الغزالي قال: لا بأس لمن أراد التنظيف، ولا بأس بتركه لمن أراد دهنه وترجيله ".
* ويرى المالكية في حلق الرأس لغير ضرورة شرعية قولان: الجواز والكراهة.
انظر: " كفاية الطالب الرباني " (٢/ ٣٦٦ - ٣٦٧).
قلت: الراجح جواز حلق الرأس وتركه لحديث ابن عمر الصحيح أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى صبيًا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك. وقال: " احلقوا كله أو ذروا كله ".
أخرجه أحمد (٢/ ٨٨) وأبو داود رقم (٤١٩٥) والنسائي (٨/ ١٣٠ رقم ٥٠٤٨) وهو حديث صحيح.
ولحديث جعفر عبد الله بن جعفر الصحيح قد تقدم.