للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالجملة فالاجتماعات العرفية التي لم يرد جنسها في الشريعة إن كانت لا تخلو عن منكر فلا يجوز حضورها، ولا يحل تطييب نفس الجار بحضور مواقف المنكرات والمعاصي وإن كانت خالية عن ذلك، وليس فيها إلا مجرد التحدث بما هو مباح، فهذا لا نسلم أنه لم يرد جنسه في الشريعة المطهرة، فقد كان الصحابة الراشدون يجتمعون في بيوتهم ومساجدهم، وعند نبيهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويتناشدون الأشعار، ويتذاكرون الأخبار، ويأكلون ويشربون، فمن زعم أن الاجتماع الخالي عن الحرام بدعة فقد أخطأ، فإن البدعة هي التي تبتدع في الدين، وليس هذا من ذاك.

* (السؤال السادس): حاصله الاستفهام عن الحلف بغير الله كالحلف بالسلطان والأولياء والقرآن (١) من دون قصد لتعظيم المخلوق به، بل لأجل الاعتياد لذلك في


(١) يلاحظ أن الشوكاني جعل الحلف بالقرآن كالحلف بمخلوق من مخلوقات الله، كما يتضح من صيغة السؤال، وهذا رأي باطل قال به المعتزلة، وأتباعهم، والصحيح أن القرآن كلام الله تكلم الله به حقيقة بلفظه ومعناه، وهو سبحانه موصوف بالكلام، فعلى هذا يكون الحلف بالقرآن حلفًا بصفة من صفات الله سبحانه وتعالى، وصفات الله سبحانه غير مخلوقة فالقرآن غير مخلوق، والحلف به جائز لأنه حلف بكلام الله.
ويعقد به اليمين، وهذا ما أجمع عليه السلف أهل السنة، وقد احتجوا فيما احتجوا به بقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أعوذ بكلمات الله التامات ". قالوا قد استعاذ بها، ولا يستعاذ بمخلوق.
انظر: " مجموع فتاوى " (١/ ٣٣٦)، " شرح العقيدة الطحاوية " لابن أبي العز الحنفي (ص١٩١).