للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو أحدِهما فوهْمٌ ناشئ عن التباس الرضى المقيَّد المعتَبَرِ بما يصدُقُ عليه مطلقُ الرضا، وحينئذٍ لا يجوزُ بيعُ ما كان فيه نوعٌ من أنواع الغَرَرِ، كبيع المجهول قَدْرًا أو جِهَةً (١)، فإنه إن لم يكن مظنةً للغَرَر كان مظنَّةً، ولا بيعَ ماله يحصل فيه الرِّضا المعتَبَرُ شرعًا إلاَّ بدليل يدلُّ على ذلك بخصوصه، فإن لم يوجد الدليل فالواجب البقاءُ على المنع. وقد ورد ما يدلُّ على جواز بيع ما فيه بعضُ جَهَالةٍ، كحديث جابر عند مسلم (٢)، والنسائي (٣) قال: "نهى رسولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ عن بيع الصُّبْرَةِ من التمر، لا يُعْلَمُ كيلُها بالكيل المسَّى من التمر"، فإنه يدلُّ بمفهومِه على أنه لو باعها بخنسٍ غير التمرِ لجاز، فمن أجاز العمل بمثل هذا المفهوم أجاز التخصيصَ به، ومن لم يُجِزْ لم يُجِزْ.

والحاصلُ أن لا يجوزُ بيعُ شيء مما يتعلَّق به نوعٌ من أنواع الجَهَالةِ وإن قلَّ إلاَّ بدليل يخصُّه من عموم النَّهي عن بيع الغَرَر، ومن مُطْلَقِ الرِّضى المعتبرِ.

وبيعُ المشاعِ (٤) على الصورة التي وقعَ فيها النزاعُ من القبيل الممنوعِ لتناول العمومِ له. والله أعلمُ.


(١) في حاشية المخطوط ما نصه: ينظر في اشتراط تعيين الجهة فإنَّ الميراث المعلوم حسًا ونصًا يصحُّ بيعه مع المشاع من غير تعيين الجهة وما الفرق بين مشاع ومشاع مع معرفة القدر فليتأمل.
(٢) في صحيحه رقم (٤٢/ ١٥٣٠).
(٣) في "السنن" (٧/ ٢٦٩، ٢٧٠).
(٤) انظر تفصيل ذلك في "المغني" (٦/ ٢٠٩ - ٢١٠).