للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو قروش من هذه الضربة، فإن كان قروش فرانصه كان الواجب تسليمها فرانصه حسب البيع، ولا يجوز إجبار البائع على قبض ما يقابلها من هذه الضربة عرفا؛ لأنه ربما تعلق بالفرانصه غرض له لا يوجد في غيرها، اللهم (١) إلا أن يرضى بأن يأخذ عوضها من هذه الضربة، فالواجب له العوض في الوقت الذي يأخذ العوض فيه، وإن كان زائدا على قدر ما يقابل الفرانصه في وقت البيع؛ لأنه إنما باع بالفرانصه وقبض بعد ذلك ما يقابلها، والاعتبار بوقت القبض (٢)؛ لأنه قد ثبت له في ذمة المشتري قروش فرانصه إلى وقت قبل العوض، فإذا زاد العوض في وقت القبض على وقت البيع لم يجز إجباره على قبض العوض في وقت البيع؛ لأن الثابت المعوض، لا العوض، فهو بمنزلة من باع دارا مثلا بدار أخرى، فكما أنه يستحق صاحب الدار الأخرى قيمتها وقت التراضي على قبض


(١) في حاشية المخطوط ما نصه: "
ينظر في المعاطاة، فقد حفظ عن المؤلف - كثر الله فوائده - هذا اللهم إلا أن يكون مع تيقن التساوي، ولعله المراد كما سيأتي إن شاء الله ".
(٢) إذا باع شيئا من مال الربا بغير جنسه، وعلة ربا الفضل فيهما واحدة لم يجز التفرق قبل القبض. فإن فعلا بطل العقد. وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يشترط التقابض فيهما كغير أموال الربا، وكبيع ذلك بأحد النقدين.
وقال ابن قدامة في " المغني " (٦/ ٦٣ - ٦٤): ولنا قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد ". رواه مسلم، وقال عليه السلام: " فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد ".
وروى مالك بن أوس بن الحدثان، أنه التمس صرفا بمائة دينار قال: يقلبها في يديه، ثم قال: حتى يأتي خازني من الغابة. وعمر يسمع ذلك، فقال: لا والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير إلا هاء وهاء ". متفق عليه. والمراد به القبض، بدليل أن المراد به ذلك في الذهب والفضة، ولهذا فسره عمر به، ولأنهما حالان من أحوال الربا علتهما واحدة، فحرم التفرق فيهما قبل القبض كالذهب والفضة، فأما إن اختلفت علتهما كالمكيل بالموزون عند من يعلل بهما فقال أبو خطاب: يجوز التفرق قبل القبض رواية واحدة؛ لأن علتهما مختلفة، فجاز التفرق قبل القبض.