وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ٦٠ - ٦١): قيل إنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقضيه من مال مصالح المسلمين وقيل من خاص مال نفسه وقيل كان هذا القضاء واجبا عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقيل تبرع منه. وقال القرطبي في " المفهم " (٤/ ٥٧٥): وقال بعض أهل العلم: بل يجب على الإمام أن يقضي من بيت المال دين الفقراء اقتداء بالنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإنه قد صرح بوجوب ذلك عليه. حيث قال: " فعلي قضاؤه " ولأن الميت الذي عليه الدين يخاف أن يعذب في قبره على ذلك الدين كما صح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث دعي ليصلي على ميت، فأخبر: أن عليه دينا لم يترك وفاء فقال: " صلوا على صاحبكم " فقال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله! وعلي دينه فصلي عليه، ثم قال له: " قم فأده عنه " فلما أدى عنه قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الأن حين بردت عليه جلدته " تقدم تخريجه. وكما على الإمام أن يسد رمقه ويراعي مصلحته الدنيوية كان أحرى، وأولى أن يسعى فيما يرفع عنه العذاب الأخروي. و (المولى): الذي يتولى أمور الرجل بالإصلاح والمعونة على الخبر، والنصر على الأعداء، وسد الفاقات ورفع الحاجات. (٢) [التوبة: ١٠٣]. قال ابن كثير في تفسيره (٤/ ٢٠٧): أمر الله تعالى رسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأن يأخذ من أموالهم صدقة يطهرهم ويزكيهم بها، وهذا عام وإن أعاد بعضهم الضمير في " أموالهم " إلى الذين اعترفا بذنوبهم وخلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، ولهذا اعتقد بعض مانعي الزكاة من أحياء العرب أن دفع الزكاة إلى الأمام لا يكون وإنما كان هذا خاصا برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولهذا احتجوا بقوله: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) وقد رد عليهم هذا التأويل والفهم الفاسد الصديق أبو بكر وسائر الصحابة، وقاتلوهم حتى أدوا الزكاة إلى الخليفة. كما كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى قال الصديق والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأقاتلنهم على منعه. أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٧٢٨٤ و٧٢٨٥).