للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس فيها ما يقارب هذا التصريح، بل قد يعولون في النسخ في مواضع كثيرة على مجرد القرائن الواهية، وقد يجعلون مجرد تأخر العام نسخا مع ما في ذلك من الخلاف المعروف في الأصول. وقد يختلط عليهم النسخ بالتخصيص، وقد يضطرب عليهم البحث فيجعلون كثيرا من المباحث التي يمكن فيها الجمع بوجه من وجوهه من باب الناسخ والمنسوخ، فكيف يغفلون عن مثل هذا الذي وقع التصريح فيه بما يدل على الناسخ دلالة أوضح من شمس النهار!.

قوله الأول، وهو الرابع من الطرف الأول: ما حكمه في نفسه ومن خرجه من الأئمة؟. أقول: قد أوضحنا في البحث الذي قبل هذا من خرجه من الأئمة، وأنه ثابت في الصحيحين (١) وغيرهما من تلك الطرق.

قوله: هل هذا التحمل خاص بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أم متعد إلى من بعده خلفائه؟. أقول: قد قدمنا أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما قال تلك المقالة للعلة المتقدم ذكرها، وهي قوله: فلما فتح الله على رسوله إلخ (٢).

وهذا يدل [٣] دلالة ظاهرة أن ذلك التحمل إنما هو لمصير أموال الله إليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ومعلوم أنها قد صارت إلى من بعده من خلفائه (٣) ومن بعدهم كما صارت إليه، بل صار إليهم أكثر مما صار إليه، فإن الله سبحانه لم يفتح غالب البلاد إلا بعد موته، فهم متحملون لديون المديونين يقضونها نم أموال الله سبحانه، يصرفون منها في هذا المصرف كما يصرفون إلى غيره من المصارف منهما وجد بأيديهم من أموال الله - عز وجل - ما يمكن ذلك منه. إما كلا أو بعضا لا يجوز لهم الإخلال به بحال من الأحوال.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) ذكر ذلك ابن حجر في " الفتح " (١٢/ ١٠).
(٣) قال الحافظ في " الفتح " (١٢/ ١٠) وهل كان ذلك من خصائصه أو يجب على ولاة الأمر بعده؟ والراجح للاستمرار، لكن وجوب الوفاء إنما هو من مال المصالح.