للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدعاوي الفارغة والقيام في مراكز المذاهب، فذلك لا يضرنا ولا ينفعكم، وأيضًا أن ذلك الموجب للفسق إن كان لا يعود إلى ما يتعلق بالرواية والحفظ فلا اعتداد به [٢ أ] لما قدمنا لك من الاعتبار بصدق اللهجة وحفظ المروي وعدم الدخول في بدعة من البدع توجب التهمة لذلك الراوي بالدعاء إلى مذهبه. وجميع الصحابة رضي الله عنهم منزهون عن جميع ذلك لا يخالف إلا من قد غلت في صدره مراجل الرفض.

قال السائل: كذلك إذا أخرج أصحاب السنن عن شخص ورووا عنه كفعل البخاري (١) عن ..........................


(١) أخرج له البخاري في صحيحه - مقرونًا مع المسور بن مخرمة.
انظر الحديث رقم (٢٣٠٧ - ٢٣٠٨) من حديث مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فقال لهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أحب الحديث إلي أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال. . . ".
وانظر الأحاديث رقم (١٧١١، ٢٧١٢، ٢٧٣١، ٢٧٣٢).
روى البخاري في صحيحه عن مروان غير مقرون بغيره، وذلك كما في حديث رقم (٤٥٩٢) عن ابن شهاب قال: حدثني سهل بن سعد الساعدي أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد، فأقبلت حتى جلست على جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أملى عليه: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) ابن أم مكتوم وهو يملها علي فقال: يا رسول الله والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت - وكان أعمى- فأنزل الله على رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ثم سري عنه فأنزل الله: (غير أولي الضرر).
قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" ص ٣٨٤: " ... ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتضٍ لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته، ولا سيما ما انضاف إلى ذلك من إطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما، هذا إذا خرج له في الأصول، فأما إذا خرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره مع حصول اسم الصدق لهم. وحينئذ إذا وجدنا لغيره في أحد منهم طعنًا فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الإمام، فلا يقبل إلا مبين السبب مفسرًا بقادح يقدح في عدالة هذا الراوي وفي ضبطه مطلقًا أو في ضبطه لخبر بعينه؛ لأن الأسباب الحاملة للأئمة على الجرح متفاوتة منها ما يقدح، ومنها ما لا يقدح، وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح: هذا هو جاز القنطرة، يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه.