للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخفى إن هذين الاسمين لمسمى واحد فإن باروسما لفظة آرمية النجار وأراها مصحفة عن بسمى (بسمايا) المقتضبة من بيت شمايا ومعناها دار السماء وسميت بهذا الاسم لكثرة المعابد والمذابح التي كانت منتشرة في أطرافها غير أن عرب العراق صحفوها فقالوا أولا بسمى ثم بسمايا وهي معروفة إلى اليوم بهذا الاسم عند البدو والحضر وقد أطلقوها على مدينتين كما أشرنا إلى ذلك في مقالنا السابق.

(لغة العرب) نستبعد كون بسمى وباروسما شيئا واحدا.

٥ - التنقيب في بسمى

أسفر البحث والتنقيب في أطلال بسمى عن اكتشافات عظيمة ذات منزلة تاريخية سامية، فقد عثر النقابون على كنوز أثرية ثمينة في أنقاض هذه المدينة المطمورة منذ أجيال عديدة ففي ردمها وخرائبها الدوارس وجدوا جملة صالحة من الآثار وكشفوا عن تمثال كامل من الرخام وتماثيل أخرى مبتورة الأعضاء ومئات من شظايا الأواني الحجرية المحفورة والمرصعة بأحجار كريمة ومنزل فيها العاج والذهب والنحاس ووقفوا على بضعة آلاف من صفائح الآجر المسمارية الخط وعثروا أيضا على مدافن وتوابيت وهياكل وقصور ودور ومنازل واسعة للجنود تشبه الثكنات وسلاح وأوان ودمى وداح وغير ذلك من الأثاث والرياش فكل من هذه الأشياء يمثل ويصور أمام مخيلتنا صورة تامة لحياة البابليين وحضارتهم قبل خمسة آلاف سنة على أقل تقدير.

وجدت هذه المدينة المفقودة بعد احتجابها عدة قرون وبعثت من عالم الدثور والنسيان فأبصرت نور الشمس من جديد وتمتعت بمنظر أبناء آدم الذين يحاولون هتك أسرارها ليتسنى لهم الوقوف على ما خفي من أمرهم. إن اكتشاف معالم هذه المدينة المطمورة أعاد مجد الشمريين والبابليين الأولين وكشف النقاب عن أقدم حضارة عرفت في ديار العراق منذ مئات من السنين فأسماء ملوكها الأشداء وحكامها العقلاء وساستها المحنكين وقوادها

المدربين دونت في سلسلة تواريخها التي لم تزل ناقصة مع كل الجهود التي بذلها المنقبون في الوقوف على ما طمس من أبناء تلك المدينة العريقة في القدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>