وما أدراك ما دار القرابين؟ هي دار يتجمع فيها من الصقع كله البر والشعير والذرة والسمسم والمواشي والأنعام والدجاج وأنواع الطير من حمام ويمام وغيرهما بل هناك العسل والزبد والخمر والدبس والتمر والفواكه والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة والأنسجة الغالية ومن هذا الدخل ما يأتي من عقارات الهيكل ومنه من الزكاة ومنه من النذور. فيرتع الكهان ورجال الدين في بحبوحة هذا النعيم باسم الآلهة وعلى حساب الأرواح. ويستغلون بهذه الحال تعب الفلاح وربح التاجر وجهود الملاك ودموع البائس وتنهدات الأرملة فلم ترتح شميرام إلى مظاهر الوثنية وفريات الكهان وشعوذتهم وحدثتها نفسها الثائرة بان تقلع عن الشغف بشمشو وتدع المقادير تجري في أعنتها كأن شعلة نور اتقدت في ذهنها وروح إيمان جديد هبط على قلبها فتملصت من السرية المقدسة بدهاء موطنة النفس على أن لا تعود إلى جنون الهوى واسر الجوى وقيود العرافين ومهازئ السحرة.
لندع شميرام في وحدتها هادئة البال بعد أن ألقت عنها هموم العشق ومؤثرات السحر ونعد إلى شمشو فانه بعد أن اقترض المال من أجيبي نزل أسواق بابل واخذ يبتاع البضاعات والتجارات ويوصي النساجين بأنسجة تروج في بلاد أشور ونائري. ومن التجارات التمر والقصب من بابل والعطور والتوابل والجواهر التي كان يحملها التجار الفنيقيون من بلاد العرب والهند والأنسجة الأرجوانية التي تأتي من صور وأنسجة بابل من القطن والكتان والصوف وكانت أرضها حمراء عليها نقوش زرقاء أو أرضها زرقاء عليها نقوش حمراء منها مسيحة (مقلمة) ومنها محققة ومنها مربعة. ومنها منثور عليها شبه حب الحمص أو أقراص متجمعة حول قلب الدائرة. وبعض التحف النادرة التي ابتاعها من بعض التجار القادمين من مصر. وحزم جماله واعد العدة للسفر. وشد الرحال وكرى دواب السفر من صاحب القافلة فمكان دأبه الترحال بالبغال والجمال والحمير بين بابل وأشور وأرسل إليه الأهل والأصدقاء بزاد السفر هدية. وفي مقدمة المهدين خالد سلمان كرادو. وتمكنت الأمة نتو من دس الحشيش الذي أعطاها إياه الكاهن بيروس في الحلوى المتخذة من الدقيق والتمر ولم يطلع على هذه الفعلة الشنعاء أحد