واهم في رسمها وتوجيهها، بل المهم هو كيفية مواجهة هذه السياسة والتصدى لها ولخططها المرعبة والعدمية التي تهدد المنطقة والعالم. فمن السهل على أي باحث أن يقدم ألف دليل ودليل على هذه العدوانية التي تستهدف الإسلام واهله، قديماً وحديثاً، ولكن لا اعتقد أن اجترار ذلك هو المطلوب اليوم من ثقافتنا الشعبية، انه كلما المت مصيبة بمنطقة إسلامية أو حلت بها كارثة، يتوجه اصبع الاتهام تلقائياً نحو الغرب الغير مسلم، ونادراً ما يخطيء. ليس الهدف من هذا البحث أن يكون مجرد حركة إصبع في هذا الاتجاه أو جزاءً من هذه الثقافة الشعبية الصحيحة بعفوية. إنما الهدف منه هو إضاءة شمعة وسط نفق مظلم يبدو في مرحلة ما بعد الحرب الباردة وانعكاساتها وكأن لا مخرج منه، الا بمواجهه شامله تحشد لها كافة القوى والامكانيات للتصدى لها، من خلال وضع خطة عمل متكامله على المستوى المحلى والدولى، وتستخدم كافة الامكانيات المتاحه، بطريقه حضارية انسانية، توفر لها عوامل النجاح، محلياً ودولياً.
والخطة التى نقترحها تقوم على اسس ومبادئ ومسلمات، وتنطلق من الفرضية الاساسية التى اثبتناها في هذا الكتاب، وهى الدور الاساسى الذى يلعبه الدين في توجيه السياسة الأمريكية البريطانية العدوانية تجاه العالم العربى والإسلامى، وبناء على ذلك سيكون العلاج مبنياً على هذا الاساس وانطلاقاً من هذا الفهم، وهذا لا يعنى اهمال دور العوامل الاخرى. ويجب ان نشير هنا ان تركيزنا على دور الدين يجب ان لا يفهم اننا ندعو إلى مواجه هذا التطرف الدينى في أمريكا بتطرف مثله ... أو ان نواجه الارهاب الامريكى بارهاب مثله ... الخ. ليس هذا هو المقصود وليس هذا هدفنا ... ان المواجهة التى نريدها هى مواجه شاملة .. مواجهة حضارية تستوعب كل الامكانيات الخيرة والقيم الجميلة ليس فقط التى افرزتها حضارتنا العريقة ... بل وتستوعب كافة القيم الانسانية النبيلة والخيرة التى افرزتها الحضارات الاخرى .. لان المواجهة الحاليه بين قوى الظلام الامريكى واعوانها، وامتنا سبقتها مواجهات وظلم كبير وقع على شعوب اخرى، وستستمر أمريكا بهذا النهج إذا لم يتحد العالم لايقافها عند حدها وتحريرها من هذا الهوس الدينى، الذى جعلها ترتكب ابشع الجرائم بحق الانسانية.