للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعمل يجد مخرجاً على الدوام .. كان يريد من ذلك دفعهم نحو الغرب، وتغذية العقلية الطموحة والفردية إلى حد كبير. لذا فإن ما ينتظر من الحكومة هو الحد الأدنى من القواعد، والحد الأقصى هو الحرية. أما بالنسبة إلى الفقراء فليس من المستغرب اعتبارهم مسئولين عن أسباب شقائهم (١).

وهذه الرغبة المستمرة في التوسع والسيطرة وجدت لها مبررات في نظرية (الجغرافيا الحيوية) التي تزعم بأن: "المكان الجغرافي للدولة المتفوقة كائن حي ينمو باستمرار (ولا يموت طبعاً)، ونظرية (القضاء والقدر الجغرافي)، أو الزعم بان يد القضاء هي التي ترسم الحدود الجغرافية للأمم (لا تعترف الولايات المتحدة كإسرائيل إلى الآن بحدود جغرافية، لها وليس في دستورها إشارة إلى ذلك). ومنذ أن أطلق (جون اوسوليفان) هذا الاصطلاح في مقاله له بعنوان (التملك الحق) تحول (القدر المتجلي) إلى عقيدة سياسية مفادها، إن هذا العالم كله (مجاهل)، وأن قدر أميركا (الانكلوسكسونيه) الذي لا ينازعها فيه أحد، إن تتملك منه ما تشاء من أرض لأن ذلك حقها الطبيعي، ولأن إله الطبيعة والأمم هو الذي أورثها هذه الأرضة، وجعلها ـ مثلما جعل ألمانيا النازية بعدها ـ كائناً حياً لا يتوقف عن النمو (٢).

ولكن النتيجة الطبيعية لهذا النمو الطفيلي لهذا الكائن المتوحش، كانت كارثية، حيث تقلص معنى الحياة إلى هذا التوسع الكمي للملكية والأرض وكنوزها، وكان (الوست) أو (أقصى الغرب البعيد)، يعني ـ باستثناءات قليلة ـ تقديس هذه الملحمة العنصرية، وقانون الأقوى في حرب الجميع ضد الجميع، ولم تلعب التطهيرية المسيحية أو الييوريتانيه أي دور سوى دور المبرر لتلك الأفعال والعلاقات الاجتماعية بل والمحرك لها. وأصبح العنف الأكثر دموية والتحريض عليه بنفاق المتدينين ملمحاً دائماً في تاريخ الولايات المتحدة منذ نشأتها. فلقد قدم المتطهرون من الإنجليز الأوائل إلى الولايات المتحدة حاملين معهم العقيدة الأكثر دموية في تاريخ البشرية، ومسلحين بفكرة (الشعب المختار)، مقننين فكرة الإباده وكأنها حسب روايتهم أوامر إلهيه. كانوا يسرقون أراضى الأهالي الأصليين طبقاً لتعاليم يهوا (إله


(١) هل يجب الخوف من أمريكا؟ تأليف: نيكول باشاران عرض: بشير البكرـ جريدة الخليج الإماراتية - ١٥ـ١٢ـ٢٠٠٥م
(٢) حق التضحية بالآخرـ تأليف منير العكش ـ ص١٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>