للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضايا الجدية للنقاش والابتعاد عن الوعظ والتصريحات المغلفة بالنوايا الحسنة (١). وفي اعتقادنا أن بإمكان المفكر المسلم المساهمة الإيجابية في مد جسور من ذلك "التعارف" الإنساني انطلاقا من قيمه الاجتماعية والدينية التي تناديه دوما أنه "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين" (٢).

وبموجب هذه الآية فإن الكف عن العدوان العقدي وعن العدوان السياسي، خاصة في أجلى مظاهره وهو الاستعمار والطرد من الأرض، إن الكف عن ذلك كفيل بإقامة جسور من الحوار المتكافئ بقصد التفاهم، وجسور من التسامح والتعايش بقصد التساكن "والتبشير" بغد أفضل وبتاريخ مفتوح، لا بحرب آخر الزمان! ولا ريب أن المفكر المسلم المعاصر يتحمل مسؤولية إعادة بناء هذه المفاهيم والقيم الإيجابية في ثقافته الإسلامية خدمة للحضارة الإنسانية جمعاء، بعيدا عن الأهداف الإيديولوجية والتوظيفات السياسوية والتسيب الفكري الذي قد يطال تلك المفاهيم (٣). ولهذا يتوجب على علماء الدين المسلمون بذل ما هو أكثر من المجهودات الشفهية في سبيل خدمة حوار الأديان والحضارات .. ويكمن عملهم الفعلي في تأسيس نظام قيمي جديد لدى مريديهم، ينظر لاختلاف الأديان على أنه حق شخصي ومنبع للغنى الثقافي، وليس موضوع نزاع أو عداء. عليهم أن يقبلوا ويعلموا أتباعهم قبول أن للحقيقة الإلهية تأويلات مختلفة وأن ينظروا لهذه التأويلات من حيث تكاملها بدلا من النظر إليها على أنها تلغي بعضها بعضاً. إن من الضرورات اليوم أن يبذل الجهد لتحقيق مبدأ الحوار مع الآخر وفق عقد اجتماعي يحترم الحريات ويصون الحقوق ويؤمن الإنسان من الخوف (٤).

لقد آن الأوان لاعادة النظر في العديد من المسلمات الراسخة في اذهاننا عن صورة الآخر، كما أن على الغرب بخاصة ان يقدم صورة موضوعية ونزيهه عن العرب


(١) حوار الحضارات والثقافات: رؤية في حوار الحضارات وصراع الأمم- بقلم الحسين ولد مدو.
(٢) - قرآن، سورة الممتحنة، آية ٨.
(٣) - أية قيم دينية لحضارة إنسانية؟ - د. عبد المجيد الصغيّر- مؤتمر الدوحة الخامس لحوار الأديان ٧ - ٩ مايو ٢٠٠٦
(٤) المسيحيون العرب كمثال- هلال خاشان- http://arabic.tharwaproject.com/node/٨

<<  <  ج: ص:  >  >>