الفصل الأول
لماذا الجيل الموعود؟!
ما يحدث لأمتنا الإسلامية من ذل وهوان لا يخفى على أحد، فالجراح تملأ جسد الأمة، والضعف والوهن قد أصابه، ولم يعد المسلمون على قلب رجل واحد، ولا راية واحدة، بل تعددت راياتهم، واختلفت وجهاتهم، وتكالب عليهم أعداؤهم من كل مكان.
لقد صرنا أذل أهل الأرض .. لا قيمة لنا، ولا اعتبار لوجودنا، ويكفي ما يفعله بنا إخوان القردة والخنازير وحلفاؤهم الذين وضعونا تحت أقدامهم وسامونا سوء العذاب ... يقتلون أبناءنا، ويهدمون بيوتنا، ويعتقلون شبابنا .. كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر العالم أجمع .. وضع مخزٍ ومرير تعيشه أمة والإسلام، فإلى متى سيستمر ذلك؟!
- أملنا في الله وحده:
مما يزيد الأمر تعقيدًا أن التفوق المادى والتكنولوجي الذي أحرزه أعداؤنا يجعل من الصعب علينا أن نلحق بهم، وفي نفس الوقت فإن الواقع يُخبرنا بأنهم لن يسمحوا لنا بالاقتراب منهم، فضلًا عن التفوق عليهم، فالمساحة التي أتاحوا لنا الحركة فيها محدودة جدًا.
معنى ذلك أن الحسابات المادية تثبت وتؤكد حقيقة استمرار الوضع البائس الذي تعيشه الأمة الإسلامية، بل وستزداد الأوضاع سوءًا نتيجة المطوحات غير المحدودة للصهيونية والصليبية العالمية في بلاد الإسلام.
نعم هذه هي حسابات أهل الأرض، أما حسابات أهل الإيمان فتخبرنا بأن هناك قوة عظيمة لا يمكن للعقل البشري أن يتصور مداها .. هذه القوة إن ساندت أحدًا مهما كان ضعفه؛ فالنصر يكون حليفه بغض النظر عن قوة أعدائه .. إنها القوة الإلهية، قوة الجبار - سبحانه وتعالى - الذي له جنود السماوات والأرض، والذي يملك كل شئ، يملك الريح والعواصف، والرعد والبرق، والزلال والبراكين و .. ويملك أنفاس أعدائنا.
هذه القوة هي أملنا الوحيد في مواجهة هجمات أعدائنا الشرسة، وإعادة مجدنا، وريادتنا للبشرية من جديد.
هذه القوة هي التي ساندت الفئة الضعيفة من بني إسرائيل ضد فرعون الطاغية وقومه فماذا حدث؟!
{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} (الأعراف:١٣٧).
- هل نترك الأسباب:
ليس معنى القول بأن أملنا في الله وحده أن نترك الأسباب المادية بدعوى عدم جدواها، وبأن أعداءنا لن يسمحوا لنا بمنافستهم أو الاقتراب منهم في مجالات التقدم العلمي، بل المطلوب هو العكس ... أن نملأ كل فراغ يُتاح أمامنا، ونتغلغل في كل القطاعات، ونجتهد غاية الاجتهاد في امتلاك أسباب القوة، لا لأننا سننتصر بها، ولكن لأن الله عز وجل طالبنا بذلك: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (الأنفال:٦٠).
وعلى قدر اجتهادنا في الأخذ بما يُتاح أمامنا من أسباب نكون قد حققنا شرطًا من شروط النصر والتغيير، مع الأخذ في الاعتبار أن الأسباب بعينها لن تحقق لنا النصر، بل الذي سيحققه هو الله ... أليس هو القائل: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} (الأنفال:١٠)، والقائل: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (آل عمران:١٦٠).
- متى نصر الله؟!
فإن كان أملنا في الله وحده، فمتى إذن يتحقق هذا الأمل، فدافع الله عنا، وينصرنا على أعدائنا ويُمكَّن لنا في الأرض؟!