للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَن قَرَأَ "لاتَّخَذْتَ" فقد أَدْغَمَ التاءَ في اليَاءِ فاجتمَعَ هَمْزَتَانِ فصُيِّرَتْ إِحداهُمَا ياءً وأُدْغِمَت كراهَةَ التقائِهما". [التاج: أخذ وتخذ].

قال ابن خالويه:" قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: "لَتَخِذْتَ" بتخفيف التاء وكسر الخاء، وحجتهما أن أصل هذا الفعل من تَخِذَ يَتْخَذُ تَخْذَاً، فالتاء فاء الفعل مثل تَبِعَ يَتْبَعُ، وأنشد أبو عمرو: (وَقَدْ تَخِذَتْ رِجْلِي إِلَى جَنْبِ غَرْزِهَا) (١)، فقرأ أبو عمرو على أصل بِنْيَةِ الفعل من غير زيادة، وقرأ الباقون "لَاتَّخَذْتَ" بفتح الخاء على (افتعلت). في هذه القراءة قولان: أحدهما: أن تكون التاء الأولى أصلية والتاء الثانية تاء زائدة في (افتعل) والأصل تَخِذَ يَتْخَذُ فلا نظر فيه أنه (افتعل) منه.

والقول الثاني: أن يكون اتخذ مأخوذ من أَخَذَ، والفاء همزة فإذا بني منه (افتعل) شابه (افتعل) من (وعد) فيصير ائْتَخَذَ يَأْتَخِذُ ائْتِخَاذَاً كما تقول: ايتَعَدَ يَاتَعِدُ ايتِعَادَاً فهو مُوتَعِدٌ ثم تقول: اتَّعَدَ يَتَّعِدُ اتِّعَادَاً، كذلك اتَّخَذَ يَتَّخِذُ اتِّخَاذَاً، فأبدلوا من مكان الهمزة تاء، كما جرت مجرى الواو في التثقيل، والأصل إِأْتَخَذَ فاجتمع همزتان فقلبت الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، فصارت إِيتَخَذَ، ثم أبدلوا من الياء تاء، ثم أدغموا في التاء التي بعدها فقالوا اتَّخَذَ يَتَّخِذُ فهو مُتَّخِذٌ" (٢).

• "فَصِرْهُنَّ" (٣)، و"فَصُرَّهُنَّ" (٤)، و"فَصِرَّهُنَّ" (٥): قراءات في قوله تعالى: {فَصُرْهُنَّ إلَيْكَ} (٦). [التاج: صرر].

تناول الزبيدي القراءات السابقة فقال: "صَارَ وَجْهَهُ يَصُورُه ويَصِيرُه: أقْبلَ به. وقال الأخْفَشُ: صُرْ إليَّ وصُرْ وَجْهَكَ إليَّ أي: أقْبِلْ علىَّ. وفي التنزيل


(١) هذا صدر بيت للمُمَزَّقِ العَبْدِيِّ، وعجزه (نَسِيفاً كَأُفْحُوصِ القَطَاةِ الْمُطَرِّقِ)، وهو أحد بيتين ذكرهما له الجاحظ، والثاني منهما: (أُنِيخَتْ بِجَوٍّ يَصْرُخُ الدِّيكُ عِنْدَها ... وَباتَتْ بِقَاعٍ كَادِئ النَّبْتِ سَملَقِ)، انظر: الحيوان: ٥/ ٢٨١، وأيضا الأصمعيات: ٥٨، ومجاز القرآن ١/ ٤١١، واللسان، والتاج: (نسف، تخذ).
(٢) الحجة لابن زنجلة: ١/ ٤٢٦، وانظر: الحجة للفارسي: ٣/ ٩٦، وإعراب القرآن لابن سيده: ١/ ١٥٦.
(٣) قراءة حمزة ويزيد وخلف وروس وابن عباس وطلحة وشيبة وابن جبير وقتادة وابن علقمة وأبي جعفر وابن وثاب والأعمش، انظر: السبعة: ١٩٠، والتبيان: ١/ ١١٠ والمحتسب: ١/ ١٣٦، والحجة لأبي علي الفارسي: ٢/ ٢٩٢، والحجة البن خالويه: ١٠١، والنشر: ٢/ ٢٣٢، والإتحاف: ١٦٣، ومعجم القراءات لمختار: ١/ ٣٤٦.
(٤) هي قراءة ابن عباس، وعكرمة، انظر المراجع السابقة.
(٥) قراءة ابن عباس، انظر المراجع السابقة.
(٦) البقرة: ٢٦٠.

<<  <   >  >>