للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن خالويه:" بَرَقَ: بفتح الراء أي: شَخَصَ، إذا فتح عينيه عند الموت كذا قال الفراء. وقال آخرون: بَرَقَ: لَمَعَ بَصَرُهُ. وقرأ الباقون " بَرِقَ" بالكسر أي: تَحَيَّرَ" (١).

وقال السمين أنهما:" لغتان في التحيُّرِ والدَّهْشة. وقيل: بَرِقَ بالكسر تَحَيَّر فَزِعاً. قال الزمخشري: وأصلُه مِنْ بَرِقَ الرجلُ: إذا نَظَر إلى البَرْقِ فَدُهِشَ بَصَرُه". قال غيرُه: كما يقال: أَسِدَ وبَقِرَ، إذا رأى أُسْداً وبَقَراً كثيرةً فتحيَّز من ذلك" (٢).

الأمثلة السابقة كانت تحتمل في الغالب وجهين: أحدهما: أنهما لغتان في اللفظ، والمعنى واحد. والآخر: أنهما صيغتان مختلفتان؛ لذا اختلف المعنى، ولكن مع هذا الاختلاف في الصيغة تعود الكلمتان إلى أصل واحد.

أما في المُثُلِ الآتية فإن القراءتين المتعاقبتين على الموضع الواحد مقطوع فيهما باختلاف الأصل الاشتقاقي، وإن تقاربا في الفظ والمعنى. من ذلك:

(لَتَخِذْتَ) (٣) قراءة في قوله تعالى: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} (٤).

[التاج: أخذ وتخذ].

تناول الزبيدي القراءات الواردة في الآية السابقة ذاكرا اختلاف العلماء في: هل هو من أَخَذَ يَأْخُذُ أَخْذَاً، أو من تَخِذَ يَتْخَذُ تَخَذاً وتَخْذاً وهما أصلان والمعنى واحد. فقال: اتَّخَذَ مِن تَخِذَ يَتْخَذُ اجتمع فيه التاءُ الأَصليُّ وتاءُ الافتعال فأُدْغِمَا وهذا قولٌ حَسَنٌ. لكنِ الأَكْثَرُون على أَنّ أَصله من الأَخْذِ، وأَن الكلمةَ مهموزَةٌ.

ولا يَخْلُو هذا من خَلَلٍ؛ لأَنه لو كان كذلك لقالوا في ماضيه: ائْتَخَذَ بهمزتين على قياسِ ائْتَمَر وائْتَمَنَ. ومَعْنَى الأَخْذِ والتَّخْذِ واحدٌ وهو حَوْزُ الشيْءِ وتَحْصِيلُه.

قال الفَرَّاءُ (٥):" قَرَأَ مُجَاهِدٌ "لَتَخِذْتَ". قال أَبو منصور (٦): وصَحَّت هذه القراءَةُ عن ابنِ عبَّاسٍ، وبها قَرأَ أَبو عمرِو بنُ العلاءِ. واتَّخَذَ افْتَعَلَ مِنْ تَخِذَ فاُدْغِم إِحدَى التاءَيْنِ في الأُخْرَى، وهما التاءُ الأَصْلِيُّ وتاءُ الافتِعَالِ. وقال الليثُ:


(١) الحجة لابن خالويه: ٢/ ٢٨٦، وانظر: الحجة لابن زنجلة: ١/ ٥٠٠.
(٢) الدر المصون: ١٤/ ١٨١.
(٣) قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب وابن محيصن واليزيدي والحسن وابن مسعود وقتادة، وابن بحرية، ومجاهد، انظر: معاني القرآن للفراء: ٢/ ١٥٦، والسبعة: ٣٩٦ والحجة لابن خالويه: ٢٢٨، والحجة لابن زنجلة: ٢٧٥، ومشكل إعراب القرآن لمكي: ٢/ ٤٧، والنشر: ٢/ ٣١٤، والإتحاف: ٣٥٤، ومعجم القراءات لمختار: ٣/ ١٢٧.
(٤) الكهف: ٧٧.
(٥) انظر معاني القرآن: ٢/ ١٢١.
(٦) انظر التهذيب: (أخذ).

<<  <   >  >>