١ - أدى التغيير في حركة البناء الصرفي إلى تغيير في المعاني، في نحو اسمي الفاعل والمفعول من غير الثلاثي، حيث إن الفرق بينهما فتح أو كسر ما قبل الآخر. وقد جاءت قراءات عدة قرئ في الموضع الواحد بالشكلين معا مما يسمح للدارس أن يقول إن هذه الظاهرة قد أسهمت في إثراء المعجم العربي بتعدد المباني والمعاني. فمثلا "يُطَوَّقُونَهُ" يجوز أن يكون من الطوق، أو من الطاقة.
٢ - ومن أمثلة تعدد المعنى مع توحد البناء "يُغَلَّ"، حيث يجوز أن يكون من (أَغْلَلْتُهُ) أي نسبته إلى الغلول. ويجوز أن يكون من (أَغْلَلْتُهُ) أي وجدته غالا. ويجوز أن يكون من (غَلَّ) مبنيا للمفعول، بمعنى: ما كان لنبي أن يَغُلُّهُ غيرُهُ.
٣ - وكان لهذا التعدد في المعنى أثره في اختلاف الأحكام الفقيهة في نحو:"يُورَثُ كَلَالَةً" و"يُوَرِّثُ"، فإن مفهوم الكلالة يختلف باختلاف بناء الفعل كما مر. وكذلك "فَإِذَا أُحْصِنَّ" و"أَحْصَنَّ"، فقد اختلف في حد الأمة بناء على قراءة الفعل.
٤ - في الغالب الأعم تميل اللغة للحصول على معان جديدة من ذات اللفظ عن طريق إضافة بعض حروف الزيادة إليه، وإن لم تكن اللغة في ذلك مطردة الاطراد الكامل، إلا أن ذلك هو الظاهر من القراءات وتحليل اللغويين والمفسرين لها، فزيادة الفعل بتضعيف عينه (فَعَّلَ) تفيد المبالغة في معنى الفعل في نحو: "يُذَبِّحُونَ"، و" خَرَّقُوا"، و"نَقَّبُوا"، و"وَدَّعَكَ". وفي "أَمَّرْنَا" تفيد الكثرة في العدد أو جعلهم أمراء. وفي "فَرَّقْنَاهُ" تفيد تكثير أغراض القرآن أو كثرة تنجيمه. أما في "يُمّيِّزَ"، و"عَقَّدَتْ" فإنها لا تفيد معنى زائدا على معنى (فَعَلَ). وقد عمدت اللغة لذلك؛ لأن الألفاظ محدودة، والمعاني غير محدودة، ومعنى ذلك أن في حروف الزيادة بابا واسعا لثراء اللغة في المفردات.
٥ - زيادة الهمزة في (أَفْعَلَ) تدل على التعدي في نحو: "نُنْسِهَا"، و"تُزِغْ"، و"يُخْصِفَانِ" كما أفادت الوجود في "نُنْسِخْ". وأفادت مجرد الدخول في الشيء في "تُصْعِدُونَ". ولم تفد معنى زائدا عن (فَعَلَ) في نحو: "تَشْطُطْ" و"تُشْطِطْ"، وفي نحو:"أَزَرَهُ" و"آزَرَهُ". كما غيرت المعنى في نحو:"تُهْجِرُونَ" من الفحش، و"تَهْجُرُونَ" من الصد.