للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنه قوله تعالى: ((وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ)) [الحشر:٤] هنا بالإدغام، وهي لغة تميم، والمراد بـ: (شِبْهِ الْجَزْمِ) سكون الآخر في الأمر نحو: (اُحْلُلْ)، وإن شئت قلت: (حُلَّ) أيضاً فيه ثلاثة أوجه: حُلَّ .. حُلِّ .. حُلُّ، وأمَّا إذا كانت العين مفتوحة أو مكسورة لم يجز إلا وجهين، لأنَّه يمتنع الضَّمَّ، لأنَّ العين مفتوحة وحينئذٍ جاز لك الفتح من جهتين:

إمَّا لكون العين مفتوحة، فحينئذٍ من باب الإتباع.

أو الانتقال من الكسر إلى الفتح طلباً لمناسبة الفعل.

لأنَّ حُكْم الأمر كحكم المضارع المجزوم.

ثُمَّ قال:

وَفَكُّ أَفْعِلْ فِي التَّعَجُّبِ الْتُزِمْ ... وَالْتُزِمَ الإِدْغَامُ أَيْضاً فِي هَلُمّ

يعني: أنَّ (أَفْعِلْ فِي التَّعَجُّبِ) يلزم فكه .. واجب، وليس حكمه حكم فعل الأمر من جواز الوجهين، لأنَّ (أَفْعِلْ) ظاهره أنَّه صورة الأمر، كذلك (هَلُمَّ) معناه: الأمر، وحينئذٍ التزم الإدغام فيهما.

وَفَكُّ أَفْعِلْ فِي التَّعَجُّبِ الْتُزِمْ ..

يعني: لا يجوز فيه الوجهان، وإنَّما يجب فيه الفك.

(فَكُّ) هذا مبتدأ وهو مضاف، و (أَفْعِلْ) مضافٌ إليه، (فِي التَّعَجُّبِ) حالٌ من (أَفْعِلْ)، (الْتُزِمَ) مُغيَّر الصِّيغة وهو خبر، ونائب الفاعل يعود على (فَكُّ) .. الْتُزِمَ الفَكُّ.

وَالْتُزِمَ الإِدْغَامُ أَيْضاً فِي هَلُمّ ..

(هَلُمَّ) لثقلها بالتَّركيب، ومن ثَمَّ يُلْتَزَم في آخرها الفتح، لأنَّه طلباً للتَّخفيف، وأصله: (هَلْمُمْ) فَنُقِلَت الضَّمَّة إلى اللام، وَأُدْغِمَت الميم في الميم ومعناه: أقبل.

وهي عند أهل الحجاز اسم فعلٍ، وَيُخَاطَبُ بها عندهم الواحد والمثنَّى والمجموع بصيغةٍ واحدة، وإنَّما ذكرها النَّاظم هنا باعتبار لغة تميم، فإنَّها عندهم فعل أمرٍ لا يَتَصَرَّف، يعني: جامد، وحينئذٍ يُعَامَل المخاطب بالتَّثنية والجمع بإلحاق الحروف بها .. الضمائر، ولذلك يقولون في التَّثنية: (هَلُما)، وفي المُؤنَّثة: (هَلُمي)، وفي الجمع: (هَلُمُّوا)، وللنساء: (هَلْمُمْنَ) حينئذٍ عاملوها معاملة الفعل مُطلقاً.

وَفَكُّ أَفْعِلْ فِي التَّعَجُّبِ الْتُزِمْ ... وَالْتُزِمَ الإِدْغَامُ أَيْضاً فِي هَلُمّ

(الْتُزِمَ الإِدْغَامُ) (الْتُزِمَ) مُغيَّر الصِّيغة، و (الإِدْغَامُ) نائب فاعل، و (أَيْضاً) هذا مفعول مطلق، (فِي هَلُمَّ) (هَلُمّ) جار ومجرور مُتعلَّق بقوله: (الْتُزِمَ).

إذاً: هذا الإدغام على ثلاثة أنواع: واجب الإدغام، وواجب الإظهار، وجائز الوجهين، ابن هشام ذكر مجموعة شروط نأتي عليها بسرعةٍ.

يجب إدغام أول المثلين المتحركين بأحد عشر شرطاً، -جملتها ما سبق .. النَّاظم ذكرها مُوَزَّعَة-:

الأول: أن يكونا في كلمةٍ واحدة كـ: شَدَّ ومَلَّ وحَبَّ، أصلهن: شَدَدَ، على وزن (فَعَلْ) بالفتح، (ومَلِلَ) بالكسر، (وحَبُبَ) بالضَّمِّ، يعني: مثال لـ: (فَعَلَ) و (فَعِلَ) و (فَعُلَ)، فإن كانا في كلمتين مثل: جَعَلَ لَكَ، حينئذٍ جاز الإدغام ولا يجب.

الثاني: ألاَ يَتَصَدَّرَ أولهما كما في (دَدَن).

الثالث: ألا يَتَّصِلَ أولهما بِمُدْغَمٍ كـ: (جُسَّسٍ) جمع (جاسٍّ).