للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فِي جَزْمٍ) هذا خبر مُقدَّم، (وَشِبْهِ الْجَزْمِ) معطوفٌ على (جَزْمِ)، والمراد بـ: (شِبْهِ الْجَزْمِ) هنا: ما سكن آخره في فعل الأمر، وإنَّما جعل فعل الأمر شبيهاً بالجزم، لأننا نقول القاعدة: أنَّ فعل الأمر مَبْنِيٌّ على ما يُجْزَم به مضارعه، فألحقه به، يعني: من باب التَّوسُّع في اللفظ، وإلا المبني لا يُعَبَّر عنه بالجزم، لأنَّه فعل أمر وهو مبني فلا يُقَال فيه: مجزوم، لَكنَّه قال: (شِبْهِ الْجَزْمِ) لأنَّه يكون بالسكون، ويكون بحذف حرف العِلَّة، وبحذف النون، كما أنَّ الجزم في الفعل المضارع يكون بالسُّكون، ويكون بحذف حرف العِلَّة، وبحذف النون.

(تَخْيِيرٌ قُفِي) (تَخْيِيرٌ) مبتدأ، و (قُفِي) يعني: تُبِعَ، هذا خبره، و (قُفِي) مُغيَّر الصِّيغة، ونائب الفاعل ضمير مستتر يعود على (تَخْيِير)، وإنمَّا خَيَّر النَّاظم في الوجهين، لأنَّ المتُكلِّم به يجوز له أن يَتَكلَّم باللغتين معاً، يعني: إذا قيل (تَخْيِيرٌ قُفِي) معناه: من فَكَّ له أن يُدْغِمْ، ومن أدغم له أن يفك؟ لا .. المراد: المُتكلِّم الذي ليس في لغته الإدغام، فله أن يَفُك، ولا يجوز له أن يُدْغِمْ، والعكس بالعكس، فالتَّخيير هنا واقع للمُتكلِّم الذي يختار، لا أنَّ العربيّ الذي لغته الفك مُخيَّرٌ، لأنَّه لا ينطق به إلا مُفَكَّكَاً، هذا الأصل، وكذلك الذي لغته الإدغام لا ينطق به إلا مُدْغَمَاً.

إذاً:

وَفُكََّ حَيْثُ مُدْغَمٌ فِيْهِ سَكَنْ ... لِكَوْنِهِ بِمُضْمَرِ الرَّفْعِ اقْتَرَنْ

نَحْوُ حَلَلْتُ مَا حَلَلْتَهُ. . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . .. . . .

هذا موضع.

والموضع الثاني، هذا واجب هناك فَكُّ الإدغام.

. . . . . . . . . . . . وَفِي ... جَزْمٍ وَشِبْهِ الْجَزْمِ تَخْيِيرٌ. . .

في هذين الموضعين أنت مُخيَّر.

قال الشَّارح: "إذا اتَّصَل بالفعل المُدْغَمِ عينُه في لامه ضميرُ رفع سكن آخرُه" مثل: ظَنَّ وَرَدَّ، إذا اتَّصَل به ضمير رفعٍ سكن آخره، (ضمير رفع) ضمير المُتكلَّم، أو المخاطب، أو المخاطبة، أو نون الإناث.

فيجب حينئذٍ الفَكُّ، إذ لا يُتَصَوَّر الإدغام في ساكن، لأنَّ الثاني سُكِّن، نحو: حَلَلْتُ وَحَلَلْنَا، والهندات حَلَلْنَ، فإذا دخل عليه جازم جاز الفك نحو: لَمْ يَحْلُلْ.

ومنه قوله تعالى: ((وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي)) [طه:٨١] .. ((وَمَنْ يَرْتَدِدْ)) [البقرة:٢١٧] والفك لغة أهل الحجاز، وبلغتهم جاء القرآن غالباً، وجاز الإدغام نحو: لَمْ يَحُلَّ، حينئذٍ إذا أدغمتَ جاز لك ثلاثة أوجه في اللام .. في فعل الأمر، وفي المضارع: إمَّا الكسر، وإمَّا الفتح، وإمَّا الإتباع.

إمَّا الكسر على الأصل: وهو التَّخلُّص من التقاء الساكنين.

وإمَّا الفتح طلباً للتَّخفيف، يعني: التَّخلُّص من التقاء الساكنين لكن بالفتح، لأنَّ الكسر لا يدخل الفعل فتحذف الفتحة.

وإمَّا الإتباع يعني: لحركة العين.

هنا (يَحْلُلْ) اللام مضموم العين، فيجوز فيها ثلاثة أوجه، فحينئذٍ تقول: لَمْ يَحُلَّ .. لَمْ يَحُلِّ .. لَمْ يَحُلُّ.