إذا أعربنا اسم الشَّرط مبتدأ، أين خبره؟ الصَّحيح أن الجملتين في مَحلِّ رفع خبر: مَنْ يقم أقم معه، نقول:(من) هنا اسم شرط، ماذا نعربها؟ أولاً: ليست من التي عددناها أنَّها ظرفيَّة، وليست تدلُّ على حدث، إذاً: ننظر باعتبار الفعل الذي بعدها وهو فعلٌ لازم، إذا كان ما بعدها فعلاً لازماً حِينئذٍ أعربناها مبتدأ، فقلنا: من يقم، (مَنْ) اسم شرطٍ مبني على السكون في مَحلِّ رفع مبتدأ، لأنَّ الذي بعدها: يقم، هذا فعلٌ لازم، من يقم أقم معه، جملة:(يقم أقم معه) في مَحلِّ رفع خبر المبتدأ.
فإن كان لازماً نحو: من يقم أقم معه، فالاسم حِينئذٍ في مَحلِّ رفع مبتدأ، والجملتان في مَحلِّ رفع خبر، وإن كان بعدها فعلاً متعدِّياً فإمَّا أنْ يستوفي مفعوله أو لا .. إمَّا أنْ ينصب مفعوله أو لا، فإن لم يستوف مفعوله نحو: من تضرب أضرب، (تضرب) هذا مُتعدِّي، أين مفعوله؟ لا مفعول .. لم ينصب مفعولاً، إذاً:(تضرب) لم ينصب مفعولاً في الظَّاهر .. لا تُقدِّر له، فتجعل (من) هي المفعول، من تضرب تقول:(من) اسم شرط وقع بعدها فعلٌ متعدٍّ لم يستوف مفعوله، يعني: لم ينصب في الظاهر مفعولاً، مباشرة تجعل (منْ) في محل نصب مفعول تضرب.
فإن لم يستوف مفعوله نحو: من تضرب أضرب، فالاسم حِينئذٍ في مَحلِّ نصب مفعولٌ به لفعل الشَّرط، وإن استوفى مفعوله .. نصب مفعوله نَحو: من تضربه أضربه، (من تضربه) اسمٌ سابق تأخَّر عنه فعلٌ، تسلَّط على ضميرٍ يعود على ذلك الاسم السابق لو أسقط لنصبه، صار من باب الاشتغال، فيجوز فيه الوجهان.
فيجوز إعرابه مبتدأ والجملة بعده في مَحلِّ رفع خبر، ويَجوز إعرابه مفعولاً لفعلٍ محذوف يُفسِّره المذكور، فالجملة بعده لا مَحلَّ لها مُفسِّرة.
إذاً: على هذا الترتيب تعربه، إن كان ظرفاً حِينئذٍ فهو منصوبٌ على الظَّرفيَّة، وإن لم يكن ظرفاً حِينئذٍ إمَّا أن يدلَّ على حدثٍ أو لا، إنْ دلَّ على حدث فهو مفعول مطلق، إن لم يكن ظرفاً ولا دالاً على الحدث فحِينئذٍ تنظر إلى الفعل، أولاً: نظرت إلى المعنى هل هذا ظرف أو لا .. هل دالٌّ على الحدث أم لا؟ إن لم يكن هذا ولا ذاك تنظر إلى الفعل .. فعل الشَّرط لازم أو متعدِّي؟ إن كان لازماً أعربته مبتدأ، إن كان متعدِّياً نظرت فيه: هل نصب مفعولاً أو لا؟ إن لم ينصب جعلت اسم الشَّرط مفعولاً به، إن نصبه فهو من باب الاشتغال، يعني: يجوز أن يكون مبتدأً، ويجوز أن يكون مفعولاً لفعلٍ محذوف.
المعنى الإجمالي للبيت:(وَالْفِعْلُ مِنْ بَعْدِ الْجَزَا) يعني: يقع بعد الجزاء، (إِنْ يَقْتَرِنْ) بعاطفٍ هو الفاء أو الواو على جهة الخصوص، (قَمِنْ) حقيقٌ (بِتَثْلِيْثٍ) يجوز فيه ثلاثة أوجه، يعني: إذا جاءت أداة الجزم .. أداة الشَّرط، ثُم فعل الشَّرط، ثُم الجواب، ثُم عَطَفْتَ .. جئت بفعل مضارع معطوف، (بِالْفَا أَوِ الْوَاوِ) على جهة الخصوص، يجوز في هذا المعطوف ثلاثة أوجه (بِتَثْلِيْثٍ قَمِنْ): النصب والجزم والرفع.